وكم استغلّ الشذوذ البشري ضعف الحيوان وقلّة حيلته ليتخذه وسيلة للعبه وطيشه ، فيجري عليه تجارب طيش معتوه بفنون الحبس وفنون التعذيب ، وربما اتخذها مخبراً لقدراته في الصيد ، فيجندل منها حتى يروّي غروره فيعود منتفخ الصدر ومن ورائه عشرات الجثث الهامدة من أنواع الحيوان التي كانت تملأ الصحارى والحقول والاَنهار والخلجان روحاً وحركة وزينة وحياة ..
فإذا كان الإسلام دين الهداية الحقّة الذي أخذ على عاتقه مسؤولية نظم الحياة واعمار الدنيا ، فلا تفوته العناية بالحيوان وحفظ حقّه ، بعد أن أعطى الإنسان ما يستحقه ، بل بعد أن تعدّت رعايته للنبات الذي جعل تعاهده ورعايته عبادةً جزاؤها الثواب العظيم ، وأعطى في الجنة شجرة تضلّه لمن غرس في الدنيا مثلها ، وزاد على ذلك أن نفخ في رُوع تابعه أن لو كانت بيدك فسيلة ، وليس بينك وبين قيام الساعة إلاّ أن تغرس هذه الفسيلة فاغرسها قبل قيام الساعة !
ترى كيف كانت رعايته للحيوان الذي يعيش مع الإنسان ويساهم في اعمار دنياه ؟
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنَّ الله يحب الرفق ويعين عليه ، فإذا ركبتم الدواب العجف فأنزلوها منازلها ، فإن كانت الارض مجدبة فانجوا عنها ، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها » (١).
__________________
(١) الكافي ٢ : ١٢٠ / ١٢ باب الرفق.