إنّها تحملكم وتحمل أثقالكم ، وكلّ عزائها أن تمرّ بأرض مخصبة تنهش منها أو ترتع فيها فتقوى على أمرها وتخفّف العناء عن نفسها ، فلا تصنعوا معها صنع الحانق الناقم ، أو الغافل الذي همّه نفسه وقد هيّأ لها الماء والزاد والراحلة دون أن يشعر بأن راحلته لها روح مثله ، فهي تضمأ وتجوع وتجهد مثله ..
وفي المعنى ذاته قال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : « إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير ، واذا سرت في أرض مجدبة فعجّل بالسير » (١).
وذاك الذي همّه نفسه ، سيهرع إذا بلغ مقصده إلى أدنى فراش طلباً للاسترخاء ، ويدعو عاجلاً بالماء والطعام فلقد أضناه السفر.. تاركاً وراءه ظهراً حمله الطريق كلّه ، لأنّه لا يملك نطقاً يفصح فيه عن عنائه وحاجته ، وربما لو نطقت أيضاً لما كان حظّها أحسن عند هؤلاء !! ولهؤلاء يقول رسول الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من سافر منكم بدابةٍ فليبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها » (٢) قبل ان ينشغل بطعام نفسه وسقيها ..
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أبصر ناقة معقولة وعليها جَهازها ، فقال: « أين صاحب هذه الراحلة ، ألا تتقي الله فيها ، إما أن تعلفها ، وإما أن ترسلها حتى تبتغي لنفسها » (٣). هذه هي العدالة النموذجية.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٠ / ٦ باب ٩١.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ١٨٩ / ٥ باب ٩١.
(٣) كنز العمال : خبر ٢٤٩٨٣.