وضربها على النفار تأديب لها على الوضع الطبيعي الذي لا يخرجها عن مهمتها التي شاءها الله لها في الطاعة عند التسفير من حيثُ كونها مسخرة للانسان ، وقد ذللها الله له ، أي جعلها سهلة الانقياد ، والضربُ حال ترويضها وتأديبها عندما تنفر لا يمنع منه الإسلام ويقبله العقل. أما في حالة عثارها فهذا أمر لا يتعمده الحيوان بل هو يجري عليه دون اختيار. كما يحصل للانسان ، أيضاً فمن المنطقي أن لا يؤاخذ عليه الحيوان ، وهذا ما جاءت به الشريعة الغراء.
هذه التعاليم المباركة قد لا يجد فيها إنسان العصر الحديث شيئاً جديداً في الرفق واللطف ، أما في ذلك الزمن البعيد وقبل أربعة عشر قرن فهي تعاليم جديدة أوقدت مصباح الرفق في دنيا الغلظة وحنادس الجهل (١).
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « للدابة على صاحبها ست خصال : يعلفها إذا نزل ، ويعرض عليها الماء إذا مرّ به ، ولا يضربها إلاّ على حقّ ، ولا يُحمّلها ما لا تطيق ، ولا يكلفّها من السير إلاّ طاقتها ، ولا يقف عليها أفواقاً » (٢).
وفي حديث وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام قالت أم كلثوم : « ثم نزل إلى الدار
__________________
(١) للمزيد راجع حقوق الدابة المندوبة والواجبة في كتاب وسائل الشيعة ٨ : باب ٩.
(٢) مستدرك الوسائل ٢ : ٥٠. أفواق : جمع فواق بضم الفاء وهو الوقت بين الحَلبتين ، إشارة إلى الوقت القليل جداً.