حوادث سنة ٧٧٥ ه ـ ١٣٧٣ م
غرق بغداد :
في هذه السنة كان الغرق ببغداد ، زادت دجلة زيادة عظيمة وتهدمت دور كثيرة حتى قيل إن جملة ما تهدم من الدور ستون ألف دار وتلف للناس شيء كثير بسبب ذلك ويقال إنه لم يبق في بغداد عامر إلا قدر الثلث ودخل الماء في الجامع الكبير والمدارس وصارت السفن في الأزقة تنقل الناس من مكان إلى مكان ثم من تل إلى تل. ثم يصل الماء إليهم يغرقهم وجرت بسببه في بغداد خطوب كبيرة وجلا أكثر أهليها ثم عاد من عاد فصار لا يعرف محلته فضلا عن داره ...
وكانت قد زادت دجلة حتى اختلطت بالفرات فأرسلت إليها الأنهار والعيون والسحب من كل جهة وبقيت بغداد في وسط الماء كأنها قصعة في فلاة وصارت الرصافة ومشهد أحمد ومشهد أبي حنيفة وغيرهما من المشاهد والمزارات لا يوصل إليها إلا في المراكب كان قد انفتح من البستان الذي كان الخليفة اتخذه متنزها في وسط دوره فتحة على باب الأزج فتدافع أمراء بغداد في سدها ورمى ذلك بعضهم على بعض فكان الشيخ نجم الدين التستري تلك الأيام قد عزم على الحج في خمسين نفرا من الصوفية وقد هيأ من الزاد ما لا مزيد عليه فاستدعى خادمه وقال : أنفق على سد هذه الفتحة جميع ما معنا حتى الزاد ففعل ، ويقال إنه صرف عليها عشرة آلاف دينار وبلغ السلطان أويس ذلك فاستعظم همته ووعد أنه يكافيه. ثم أكرى من الملاحين على حمل رحله ورجالته من بغداد إلى الحلة وكان سفر الناس أجمعين في تلك السنة في المراكب وخرجوا في خامس شوال فلم يمض لهم إلا خمسة أيام حتى هبت ريح عاصفة قصفت سور المدينة ثم تزايد الماء فانكسر الجسر وغرقت الدور حتى إن امرأة من الخواتين ركبت من مكانها إلى كوم من