السلطان أحمد إلى هذه الأيام :
إن صاحب كتاب بزم ورزم كان في بغداد أيام الوقعة وفر مع من فر مع السلطان أحمد إلا أنه قبض عليه ... وهذا نعت أحمد لهذه المدة فقال ما ملخصه : إن السلطان أحمد من حين ملك زمام السلطنة واستولى على العراقين وآذربيجان صار يفتك بأمرائه الكبار ، وأعاظم رجاله ممن كانت لهم التدابير الصائبة ، والقدرة على إدارة المملكة الواحد بعد الآخر ولم يلتفت إلى أنهم كانوا أصحاب كفاءة ودراية ، وأنهم أهل الرأي الصائب. والتدبير اللائق .. كانوا معروفين في التزام الأخطار ، واقتحام الأهوال ، فأضاع تجاربهم ، وأغفل آراءهم ... وكانوا كما قال الأول (١) :
إذا ما عدوا بالجيش أبصرت فوقهم |
|
عصائب طير تهتدي بعصائب |
وهم يتساقون المنية بينهم |
|
بأيديهم بيض رقاق المضارب |
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم |
|
بهن فلول من قراع الكتائب |
قتل هؤلاء الواحد بعد الآخر ، وأقام مقامهم الأذناب من المتجندة ، ومن أوباش الناس ممن هم غير معروفي المكانة ، ولا النسب ، وخاملو الذكر ، لا عقل لهم يدبرهم ، ولا شجاعة تؤهلهم .. عطل من الفضائل ... فنالوا المنازل الرفيعة بلا جدارة واستحقاق ...
إن سوء هذا التدبير كان أكبر باعث للعدول عن محجة الصواب ، فكثرت الفتن ، وزادت الاضطرابات فظهرت من كل صوب وانحلت الأمور ، والتذمرات بلغت حدها ...
ففي هذه الأيام ظهر تختاميش خان (توقتامش) في مائة ألف من الجند في ذي الحجة سنة ٧٨٧ ه اجتاز بهم باب الأبواب وساق جيوشه
__________________
(١) هو الشاعر النابغة الذبياني.