مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) فانتهكوا كافة الحرمات ... وعليهم تصدق آية : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦)).
أما السلطان أحمد فقد توالت على مملكته الأرزاء من حين ولي. وكان كما قدمنا صار يقتل بالأمراء الواحد إثر الآخر فحدث ما حدث من وقائع توختامش وتيمور فهرب إلى العراق وجاء بغداد ولكنه لم ينتبه من غفلته ولا التفت إلى ما أصابه وإنما تمادى في غيه وانهمك في ملاذه وما كان فيه من أنس ومجالس لهو كأنه خلق لهذه الأمور ومضت الحال عليه وهو غارق في بحر المعازف والملاهي ، وارتكاب المحرمات والمناهي بل مستغرق فيها استغراقا لا يكاد يكون معه صحو ... لحد أنه لم يلتفت ولو لحظة واحدة إلى إدارة الملك كأنه بعيد عنها لا تهمه .. ويرى وقته الثمين يجب أن لا يضيع في مثل هذه الالتفاتة. ومضت على ذلك مدة سبع سنوات وهو على ما عليه ...
ويصدق فيه ما قيل :
إذا غدا ملك باللهو مشتغلا |
|
فاحكم على ملكه بالويل والحرب |
أما ترى الشمس في الميزان هابطة |
|
لما غدا برج نجم اللهو والطرب |
ونتائج ذلك معلومة فقد سببت هذه الغفلة إهمال الأمور ، واختلال القواعد ، واضطراب الأوضاع وتشوش الأحوال ... وفي الوقت نفسه كسد سوق العلم ، وراج النفاق ، وضاعت الحكمة أو ابتذلت ... وأهملت الفضائل .. ومن ثم تسنم الجهال والمجاهيل أعلى المراتب ، وأسنى المناصب ... فجرى ما جرى ووقع ما وقع ... فلم يحصل مدافع عن حوزة البلاد ، ولا صادّ عن حريمه فصار الناس بين قتيل وأسير ، وكانت أموالهم نهبا وغنائم مقسمة وهكذا يقال عن الأمور الأخرى ... فضربت على القوم الذلة والمسكنة ...