أصابته الضربة وهو على حين غفلة فلم يسعه إلا الفرار إلى بلاد الشام ، ولم ينتبه للحوادث قبل الواقعة ، وإنما أضاع الحزم ، وفقد العزم ...
وعاجز الرأي مضياع لفرصته |
|
حتى إذا فات أمر عاتب القدرا |
فلله العجب! لا برز بروز الشجاع ، ولا انهزم انهزام الحازم الجازم ، غفل سهوا ، واشتغل زهوا ولهوا ؛ حتى جرى ما جرى من تقلب الأحوال ؛ وتغلب الأهوال ، واستقلال الأراذل ، واستئصال الأفاضل ، وازدحام الفتن ، واقتحام المحن ، وهتك الأستار ، وقتل الأحرار ، وسبي الحرم ، وأسر الخدم والحشم ، وانحلال نظام الأمور ؛ واختلال مصالح الجمهور ؛ وانكسار الناموس ، وانحصار الناس في اليأس والبوس ، وتخريب البلاد ، وتعذيب العباد ، فبقيت المدارس مندرسة ؛ والخوانق مختنقة ؛ والبرايا عرايا ، والأجّلة أذلة ، والبدور أهلّة ، وبلغ الأمر إلى أن وقع في كربة الغربة ، وحرقة الفرقة ، وحيرة الغيرة ، وكسرة الحسرة ؛ ودهشة الوحشة ، وابتلي بالحور بعد الكور ، والذلة بعد العزة ؛ والقلة بعد البزة ، فأصبح نادما على ما فات ، وقال هيهات وهيهات «ما أغنى عني مالية ؛ هلك عني سلطانيه».
إلى الله أشكو عيشة قد تكدرت |
|
عليّ ودهرا قد ألحت نوائبه |
تكدر من بعد الصفاء نميره |
|
وأحزن من بعد السهولة جانبه |
أما ميران شاه ابن الأمير تيمور فإنه عبر الفرات ؛ وسار يتعقب أثر السلطان أحمد ... وهذا مال إلى طريق الشام فسلكه خائفا وجلا «كم دب يستخفي وفي الحلق جلجل» ، وناله من الندم ما ناله وأصابه من الرعب ما أصابه ... ولكن لم ينفع ذلك الندم «ولات حين مناص».
إذا كنت ترضى أن تعيش بذلة |
|
فلا تستعدن الحسام اليمانيا |
ولا تستطيلن الرماح لغارة |
|
ولا تستجيدن العتاق المذاكيا |