واستفادت من علومها لتكتسب ثقافتها ... فتكون لهم مجموع استغنوا به ، وتمكنت هذه أكثر بتوالي العصور ، ترجموا ، وألفوا ، ونظموا ... إلى أن صار رأس مالهم كبيرا جدا. ويعد هذا الزمن عهد انتصار الصراع بين العربية والفارسية ... بعد أن كانت الثقافة الفارسية ضئيلة في العهد العباسي وكان العرب يقتنصون أصحاب المواهب منهم فصار الكثيرون من أدباء العرب قد مالوا إلى الآداب الفارسية ونالوا نصيبا منها ... فانعكست الآية ...
ولا لوم على الفارسي أن يخدم ثقافته فهذا مما يمدح عليه ... ولكننا دوّنا ما وقع وأوضحنا وجهة العلاقة ودرجة التمكن ، والتيار الذي جرى ... لا بقصد التعديل بل بيان الأسباب والبواعث لما حصل ...
وعلى كل إن العراق استولت عليه الإدارة الفارسية فأثرت على ثقافته ولغته وأدت إلى إدخال ألفاظ فارسية في العامية وفي الفصحى .. حتى دخلت في التهجي (زير ، زبر ، پيش) وهكذا مما لا يسع القول فيه أكثر من هذا.
الصناعات الجميلة
أصل الصناعات في العراق يرجع إلى عهد بعيد جدا إلى ما قبل العصور الإسلامية بآلاف السنين إلا أن الطرز اختلف ، والرغبة الأخيرة في هذا العصر خاصة توجهت إلى نواح جديدة ما زالت ولا تزال في تغير مستمر .. فإذا اندثر شكل ، أو مات نوع .. تغير إلى آخر ؛ أو خلفه غيره .. وأوضح مظاهرها في هذه الأيام التصوير ، والتطريز ، والنقش ، وزخرف العمارات والأواني والحلي والأسلحة ... ومثلها الموسيقى والغناء ، والخط والتفنن فيه ، والتجليد ، والتذهيب والرصد وآلاته ، والفلك وبروجه ... وهكذا.