والمغفلون يعتقدون صحة ما ذهب إليه كلّ فيجري المفعول بلا شفقة ولا رحمة .. ولا تسل عما أصاب من هلاك في النفوس وتدمير في الأموال ، أو في العلوم والآثار ، أو في الثقافة .. والواحد لا يترك أثرا للآخر ، أو علاقة إلا أتى عليها فلم يجد العراق من راحة أو هناء ، ولا طمأنينة وسكون .. يخرجون من حادث ليترقبوا آخر ، فالمصائب تترى ، والوضع غامض ، لا يعرف القوم مصيرهم ، ولا ماذا سيحل بهم .. وسيأتي ما يبصر بهذا من وقائع مثبتة ، وحوادث مزعجة لا تقف عند هذا العهد وإنما تمتد إلى ما بعده .. وإن خيرات البلاد مكنت الناس من المقاومة نوعا ما وحافظت على البقاء.
وفي هذا الدور الوثائق قليلة جدا من ناحية التعريف بالمحيط ، والاطلاع على أحواله الخاصة ووقائعه الصحيحة .. وما وصل إلينا غالبه جاء من طريق الحكومات المسيطرة وفيه ترويج سياستهم ومراعاة وجهة نظرهم وخطتهم في فتوحهم وإدارتهم.
ومن مقارنة النصوص تتوضح لنا الحالة وتبدو ناصعة إلا أن ما يهم السياسة مدون ، أو ما يتعلق بالحروب مع أعدائهم ، أو مع أهل المملكة معروف. وما سواه مما يميط اللثام عن الشعوب ومكانتها ، أو علومها وآثارها ، أو علاقتها الاعتيادية .. لا يزال في خفاء وغموض أو قليل التمحيص والتنقيب .. وقد استنطقنا مؤرخين عديدين لنستخلص ما يجب الوقوف عليه لجلاء الغامض ..
حوادث سنة ٩١٤ ه ـ ١٥٠٨ م
فتح بغداد :
استولى الشاه إسماعيل على بغداد بتاريخ ٢٥ جمادى الثانية ٩١٤ ه وقد ذكرنا حادث دخوله فلزم أن نعين أصل هذه الحكومة وتكونها ...