خاتمة الكتاب
هذه الأيام كانت في غاية الاضطراب ، والظواهر الثابتة تشير إلى ما وراءها والحكومات المتسلطة على العراق استقرت في البارانية أولا ، والبايندرية ثانيا ، ثم الصفوية ، وانتهى الحكم بالفتح العثماني ، فانقضى هذا العهد ببؤسه ، فلم يحصل انقياد لواحد وفي أيام الضعف بدت الحزبيات ، واشتعلت نيران الفتن بين الأمراء ، فلم يصف الجو ولم يسد الهدوء ، وكانوا قوة عظيمة ترهب العدو ، فصارت الحوادث تلتهم بسعيرها ، وسهل الاستيلاء عليهم ، فقامت الدولة الصفوية ، وقد مل الناس الحروب ، ورأت تسليما من كل جانب بغية الراحة ، ولكنها لم تراع السياسة في تقريب الأقوام ، فحصلت النفرة منها ...
ذلك ما سهل الفتح العثماني ، وكانت الدولة العثمانية من أكبر دول الشرق ، وسيأتي من الحوادث ما يبصر بنتائج هذا النزاع بين الدولتين ، والآمال حالت دون التفاهم ، فكانت القاضية بل السبب الوحيد لتدمير الشرق وجموده وانحلال إدارته ...
والعهد المذكور مبدأ الانحطاط ، وأول اندثار الثقافة العلمية والأدبية ، وضياع القدرة المادية ، والمعنوية وانحلال الإدارة مما يستدعي الدراسة ، وهي خير عبرة ، والانتباه للتوقي من حالات مثل هذه لازم بقدر الإمكان ... وقد استفاد الأغيار من هذه الأوضاع فلم نبال بها ،