بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه.
(وبعد) إذا كان محاكاة الحوادث والأوضاع عينا وحرفيا شأن القرود ، فيها تعطيل للدماغ ، وانقياد أعمى ، وتفقد فعالية الفكرة ، وتهمل الرأي على حد (المقلد أعمى وإن كان بصيرا) .. فإن الاختيار وحسن الانتقاء يربي السجايا ، ويحرك الشعور ، ويسوق إلى التدبر والتأمل ، ويقوي العقل ويمرنه .. والتاريخ بوجه عام كفيل بتحقيق هذا الغرض ، وفي تاريخ القطر خاصة تدريب لمعرفة حياة المجتمع وسيرته ، وما أحدث من تقلبات ، أو ترك من آثار ، أو اعتور من وقائع ...
والعراق من أهم الأقطار في كافة حالاته ، وتعاقب عصوره لما تنوع فيه من حوادث ... وفي صفحاته هذه ... كشف عن مألوفه ، وعرض لما جرى أيام (التركمان) حتى بدو العهد العثماني .. ولما كان الصق بنا فالانتفاع به أولى ، والاستفادة منه أكبر للدواعي الكثيرة في التلقف والأخذ ... والوثائق المشعرة بتلك الأوضاع على ندرتها تشير إلى ما هنا لك ، وفيها كفاية لتفهم الحالة وتطوراتها ووفاء بتعيين المجرى ... ولا يعنينا أمر الغرائب ، ولا إيراد المؤنس اللاذ ، وإنما