علم أن جل أماني السلطان أن تتم سفرته بفتح بغداد فارتبك أمره وأصابه الرعب ... وأول ما قام به السلطان أن أرسل أولامه بك مع الوزير الأعظم إبراهيم باشا إلى الموصل فاستولوا عليها.
ثم إن أولامه بك بعث بعض رجال قبيلته إلى من هناك من قبيلة (تكلو) برسائل يحث بها على لزوم إظهار الطاعة للسلطان ... وأبدى النصح بوجوب تسليم بغداد بلا حرب وقد صاغ رسائله هذه بتعابير تدل على الترغيب من جهة والترهيب من أخرى فأبدع في الأسلوب وحسن البيان بقصد جلب القوم واستهوائهم لجانب السلطان ...
أما الخان فلم يلتفت وأظهر أنه متأهب للطوارىء ، عازم على القراع ، وصار يعد العدة للنضال. وفي هذا الحين ورد ابن الغزالي من قبيلة تكلو أيضا إلى بغداد حاملا رسالة الشاه يخبر بها محمد خان الوالي ببغداد بأن السلطان قد تحرك قاصدا بغداد ، وفيها حث بالانصراف عن المدينة وأن يأتي إلى إيران على وجه العجلة لينجو بنفسه وبمن معه. وعلى هذا دعا الخان أعوانه وقص عليهم ما وقع ، وشاور في الأمر فلم توافقه قبيلة تكلو على الذهاب إلى الشاه وامتنعت عن طاعته ... فكان مجموع من وافقه نحو ألف فلم ير بدا من الذهاب إلى الشاه وبينا هو يفكر في الأمر إذ ورد كتاب آخر يدعوه الشاه فيه إلى لزوم الإسراع فكان داعية التشوش أكثر. جاء هذا الكتاب مع نديم الشاه (رجب دده) فلم يطق صبرا لا سيما وقد تواترت الأخبار بوصول السلطان واكتساحه الحدود بجيوشه الجرارة واجتيازه خانقين وقلة (١) مما زاد في ارتباكه. فدعا جماعة تكلو. فاوضهم وبالغ في نصحهم. دعاهم للخروج معه من المدينة واللحاق بالشاه فلم يلب دعوته أحد. فتابعه من أعوان الشاه نحو سبعمائة بيت ... وافقوا واستعدوا للذهاب معه امتثالا للأمر.
__________________
(١) أي قولاي المقاطعة المعروفة في خانقين.