وألقى الرعب في قلوبهم فتفرقوا. وظن الوزير أنهم ذهبوا ولم يلتئم لهم جمع.
ثم ذهب لصلاة الجمعة في جامع الإمام الأعظم. سار بلا خوف ولا خشية ظانا أن قد زال الخطر. ولم يدر أن الاحتراس من كيد الاعداء أمر ملتزم. مضى في طريقه إلى الإمام الأعظم من جهة الميدان وكان قد كمن له بعضهم. كانوا جلوسا في القهاوي. فصار بعض القوم من أعوانهم يسبون الوالي وتقدم اثنان بسيوفهم وهجموا عليه بقصد الوقيعة به والانتقام منه فقتلا فلما رأى ذلك بادر في الرجوع لاتخاذ التدابير لتسكين الفتنة واسرع في امالة عنان فرسه إلى جهة داره. سكنت الفتنة نوعا ولكن هذه الحالة لم ترق للأهلين. بدأوا يعيبون الوالي على هزيمته. وفي هذه الأثناء ورد من استنبول حسين آغا الخاصكي بصفة (آغا بغداد) ليتدخل في حل بعض العقد العويصة والأمور الطارئة. بذل المجهود لتهدئة الحالة ، فخول قتل هذا الوالي. وحين وصوله إليه قتله وصار (آغا بغداد)
وكان هذا الوالي قد ابتدأ حكمه في ١٥ شهر رمضان سنة ١٠٦٥ ه ودام إلى سلخ المحرم سنة ١٠٦٧ ه (١).
الوزير محمد باشا الخاصكي :
هذا الوزير منظره جميل. تربى في البلاط. ثم نال إمارة مصر والشام. وبعدها ولي بغداد. وهو يميل إلى الابهة والحشمة. يجلس في الديوان وأمامه ستار مما لم يكن معهودا في بغداد. رتب ديوانه وألزم أهل هذا الديوان بلباس خاص من فرجية (٢) وغيرها. وكان كل يوم يجلس فيه يبذل للمستحقين بسخاء. وله عطايا وإنعامات كبيرة لأهل
__________________
(١) كلشن خلفا ص ٨٧ ـ ١.
(٢) الفرجية لباس خاص. ويقول الترك (فراجه).