الفن. إلا أنه كان في غفلة عما تضمره الليالي وأن التجملات وأثواب الحشمة والأبهة لا تكفي لتوليد حسن الادارة. ذهل عن أن الاقبال معرّض للزوال ... فلم يكن مطلعا على الشؤون ولا عارفا بالبلاد ولا بأحوال الناس ، تساهل في ضبط الجيوش وربطها وأبدى عدم مبالاة ونام عن التدبير ، بل إن الجيش تغلب ...
اتصل به بعض رجال الجيش في بغداد والتفوا حوله فولّدوا فيه غرورا من جهة وفتورا عن العمل من جهة أخرى. فكان يقضي ليله مع الغواني بالطرب والملاهي ونهاره بالشرب مع المغنين ... ومن ثم حدثت الفتن في زمنه. وأمور العالم لا تتم بمثل هذه الأعمال بل هي داعية للفتن (١).
ما جرى في أيامه
الجوازر وجيش بغداد :
في أواخر هذه السنة قام بعض العربان في أنحاء الجوازر فشقّوا عصا الطاعة ، وتمادوا في الطغيان فاقتضى تأديبهم ، فأرسل الوزير جيشا قويا من جهة البر ومن طريق النهر مشاة وفرسانا. جعل عليهم قائدا. ولما وصل الجند إلى هناك حدث فيما بين أفراد الجيش خلاف تناوشوا في خلاله الكلام. أوقد نيران الفتنة كل من كتخدا اليسار ورئيس العرفاء من جيش بغداد وثلّة من الخيالة فمال هؤلاء إلى ما لا يليق من الأعمال ، فقتل جمّ غفير من الأبرياء وجرح آخرون واختفى قسم عن الانظار. ثم رجع الجيش إلى بغداد.
فلمّا علم الوالي بما وقع اضطرب لهذا الحادث ودعا (آغا
__________________
(١) كلشن خلفا ص ٨٧ ـ ١.