صارت مصيبة فكلما شعر القوم بقوة قضوا عليها. ولا شك أن حكمهم كان غريبا. رأوا مصافاة الدولة أكبر من مصافاة الشعب فمالوا إليها ، ونال الشعب الإهمال. وكان ربحه في أن يرى راحة ، ولم يجد الازعاج الذي كان. وشاهد ثقافة غير نافعة.
سيطروا على الادارة ، وتسلطوا بيد من حديد ، وكانت سيرتهم على سيرة مواليهم حسن باشا وأحمد باشا.
ونرى في هذا العهد صفحات متجددة في السياسة والادارة والثقافة جربنا القلم في موضوعها الشائك بالرغم مما بذلنا من جهد. فالوثائق كثيرة والنزعات متضاربة. فحاولنا النفوذ إلى ما وراء الستار من دقائق سياسية مكتومة ، وجردناها مما كان يخفيه العثمانيون والمماليك. وجل أملنا أن يشارك القارىء الفاضل في النتائج وإلا فلكل رأيه.
وهذا العهد ـ على قصر مدته ـ أمكن العمل فيه مع وجود المنغصات في حروب ايران ، وفي الطواعين ، وفي حروب الدولة. وكل أمر من هذه يكفي لتدمير دول وأمم ، ومع هذا سار العراق بخطوات واسعة. لم يبال بالعقبات. وهذا شأنه دائما لا يقف عند حادث ، ولا يهتم بما جرى. وإنما يفكر دائما في المستقبل.
ولا شك أن هذا التاريخ أولى بالاهتمام. فلم تنقطع صلته ، ولا تزال حوادثه المحفوظة تدور في مجالسنا ، والعراق اظهر حبه لهذا العهد لما رأى بعده من غوائل.
المراجع التاريخية
لا يخلو هذا العهد من غوامض بالرغم من تعدد المستندات التي حصلنا عليها وتكاثرها بحيث يتبادر لأول وهلة أن لم يبق خفاء. وحب التطلع يقوي الرغبة أكثر. وهذه الوثائق في الغالب صادرة من صنائع