وممتلكاتهم فتحالفوا جميعا على هذا بأيمان مغلظة وأبدوا حينئذ أن الوالي يريد السوء بالأهلين فأغووا أعيان المملكة وأمالوهم لجهتهم ، وفي الحال أعلنوا النفير العام وضجوا في المدينة فتجمعوا كأنهم في يوم المحشر وفتحوا باب المقارعة وطال الجدال واتخذ كل واحد ما تيسر له عمله.
وفي هذه المرة نصحهم الوزير وحاول اقناعهم من طريق المسالمة لإطفاء لهيب الفتنة فلم ينجع فيهم تدبير فاضطر أن يخرج من دار الحكومة مرة أخرى بتبديل لباسه وأن يفر من أيدي الثوار فاختفى بدار قريبة فلم يحترم صاحبها الدخالة فأخبر أنه عنده فأخرجوه وحبسوه في القلعة وفيها قتل في أواسط سنة ١١٧٧ ه.
وكان من مماليك سلفه سليمان باشا. ومما اشتهر به أيضا الإقدام والغيرة وطهارة المشرب ، والديانة ، وأنه لم يكن خائفا كما نبزه أعداؤه. فهو وزير عالي الهمة (١).
وكان سليمان بك الشاوي تحامل عليه وهذا لا يخلو من انتصار لعمر باشا وذكر قتلته في كلام طويل. وأصل هذا التحامل التنافس على الوزارة (٢).
وفي هذه المرة وبالرغم من الاختلاف لا يزال التساند بين المماليك قويا جدا لم يطرأ عليه خلل. فهم على الخارج إلب وقوة. لذا لم تتمكن الدولة أن تستفيد من هذا الاضطراب. تحالفوا واختاروا واحدا منهم فلم يؤثر عليهم غيرهم.
وإذا نظرنا إلى حالة العثمانيين علمنا أن المسهلات متوفرة لبقاء
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ١٥٣.
(٢) سكب الأدب على لامية العرب. عندي مخطوطة.