إلى الاستيلاء على بغداد ، وانتزاعها من أيدي المماليك ، وأن تكون تابعة لها رأسا. فاتخذت هذا التدبير وسيلة إلا أنها كما جاء في هذا التقرير كانت في أسوأ الأوضاع. أصابتها الضربة من الروس سنة ١١٨٢ ه وحدثت هذه الغائلة ، ولا تدري ما ستجر إليه. وبغداد لم تكن في حالة تدعو للارتياح لما فيها من فتن لا تستطيع قمعها.
وقال : أرى أن الدولة أضاعت التدبير ، فأربكت هذه الفتن أمرها ، وكل ما نعلمه أن كريم خان مد يد البغي ، ولم يكن مضطرا لما قام به كما أعلن ، أو كما أبدى أعداء عمر باشا فالدولة لم تتثبت ، وتقف على جلية الأمر لتكون على يقين.
وأن الموما إليه بيّن لدولته في تقريره أن قضية بغداد لم تكن الوحيدة في بابها ، بل هناك قضية القريم ، وقضية مصر. فإذا لم تتخذ الدولة تدابير ناجعة ، فإن هذه الممالك تضر بالدولة أكثر مما تنفع. لأن الغائلة تستدعي مصاريف بالغة ، فإذا تجمعت جملة غوائل كانت المصيبة أعظم.
وخير تدبير للعراق أن يقضي على غوائله ، وأن يكون هناك جيش يستطيع محافظته ، وأن يزول سوء التفاهم بين والي بغداد عبد الله باشا وبين حسن باشا. فإن رفع ذلك من أصعب المصاعب ، إذ قتل الوالي السابق عمر باشا كان بتسويل من أعداء الدولة. وأن الأمراء من المماليك لا يخاطرون ، فإنهم يرون أنفسهم عاجزين عن مقاومة العدو ، فلا يستطيعون الاشتباك معه ، وإلا دمروا قطعا أو أنهم لو تغلبوا على عدوهم فلا شك أنهم يجزمون بهلاكهم أيضا لأن أمراء الروم متأهبون إلى ضبط مناصبهم ، فيكون ايراد المملكة خالصا لهم دون المماليك. وهكذا الأهلون يذهبون هذا المذهب. وهذا ما كان يختلج في أذهان القوم بسبب واقعة عمر باشا ، وأنه قتل بغير وجه حق.