مصطفى باشا :
ثم رخص مصطفى باشا بعد أن استقر في حكومته كلّا من أوزون عبد الله باشا وكپكي عبدي باشا وسليمان باشا الموصلي. أرجعهم مع عساكرهم بداعي أنه تصالح مع ايران وأنقذ البصرة وكتب لدولته. والحال أن ذلك كان خدعة من إيران. أما البصرة فكانت في حالة اضطراب وضيق. وكذا لم يعتد بموظفي عمر باشا وأتباعه ولا ائتلف معهم. وكانت الحكومة كلها منهم فلم يرغب فيهم بالرغم مما كان يراه منهم من خدمة وما يتقربون به من ألفة ظاهرية فكان ينتهز الفرصة للوقيعة بهم الواحد بعد الآخر ويبعدهم عنه. كل هذا ظهرت بوادره. ولم تحصل لهم طمأنينة منه. وهذا يفسر مخالفاتهم له.
وأول من ظهر عليه بالمخالفة عبد الله الكهية. خرج عن طاعته فالتحق به العثمانيون في بغداد والتفوا حوله. فروا من الوزير واحتشدوا فبدأ بالخصومة. وحاول مصطفى باشا أن يقضي على أعوان الكتخدا ويفرق شملهم فلم يتمكن وبقي في ارتباك من أمره. فالحكومة تألبت عليه فلم يفلح في السيطرة على الموقف (١).
سقوط البصرة
إن الأهلين والمتسلم في البصرة كافحوا كفاح الأبطال وبذلوا من الحمية والهمة ما لا يوصف فلم يبد منهم تهاون ولا قصّروا في أمر من وسائل الدفاع وأن مدة الحصار دامت ١٤ شهرا انقطعت خلالها السوابل برا وبحرا ونفدت الأرزاق داخل المدينة ولم تبق فيها أقوات حتى اضطر الأهلون إلى أكل اللحوم المحرمة لسد الرمق بسبب ما نالهم من ضنك
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ١٦٩.