العتبات إلا أن افواج القزلباش كانت محيطة بتلك الأنحاء وكان أمر بغداد مجهولا ، وأن السردار امتنع من اعطاء الرخصة بالسفر. وكانت الإقامة بالنظر إليه صعبة. لأن أعمال القزلباش وأهل الأهواز كانت غير لائقة ومما لا يطاق تحملها والبقاء عليها. تلك الأعمال المنافية لرأيه والتي تأثر منها. وأعجب من ذلك أن العثمانيين يعزون هذه الحركات إليه ويعدونه منشأها. ومن جملة ذلك أن السردار أمر بهدم مرقد الزبير (١) (رض) وهو من العشرة المبشرة. وبقعته تبعد عن البصرة أربعة فراسخ فأسرع بالذهاب إلى السردار حينما علم بالأمر وبيّن له سوء هذه الفعلة وما ينجم منها من العواقب الوخيمة بالنسبة إلى رعايا ايران والقزلباش وسعى جهده حتى ثنى السردار عن عزمه ، وفي هذه الأثناء توفي كريم خان في شيراز (سنة ١١٩٣ ه) ودخل في فكر السردار طلب السلطنة لنفسه فترك البصرة وأسرع في الذهاب إلى شيراز وحينئذ لم ير (السيد نعمة الله) صلاحا في بقائه في البصرة ، أو ذهابه إلى العتبات إذ إنه أحس بالنفرة التي ولدها عمل السردار والقزلباش بالنسبة إلى الروم فتوجه نحو بوشهر فأقام فيها (٢).
وحكى ابن سند حادثة البصرة :
«سنة ١١٨٨ ه : فمن أعظم ما وقع فيها محاصرة الزندي للبصرة زحف إليها بزحوف وكان متسلمها ... سليمان أحد من آل إليه أمر بغداد. فإنه صابر مصابرة الضرغام. والوزير إذ ذاك عمر باشا. ولم يمد متسلم البصرة بمدد. فامتد الحصار ... وأكل للسغب الهر والكلب واستغيث ولا مغيث. فحضر ثامر بن سعدون ، وثويني بن عبد الله أول المحاصرة. فلما ضاق الخناق نجوا على النواجي إذ ملّا المصابرة.
__________________
(١) رحلة المنشىء البغدادي ص ٩٣ وكتاب المعاهد الخيرية.
(٢) تحفه عالم ص ٩٠.