وسليمان الضرغام لا يهجع ولا ينام وعمر باشا يستمد من الدولة ولا يمد ، ويستصرخ ولا يسمع صارخه فيغيثه أحد. لأن ملك العجم شكا عليه عند السلطان. ولما تحقق صدق الوزير أمده. مع أن الوزير عمر باشا قبل قدوم الامداد. لم يزل يكاتب متسلم البصرة ويعده جيوش النصرة.
وكان مع العساكر ثلاثة وزراء عبد الله باشا ، وعبدي باشا ومصطفى. فابتسمت من بغداد ثغور المسرات. وأظهروا مع ما سلف عزل عمر. وولي الوزارة مصطفى. فكتب إلى متسلم البصرة سليمان أن المدد لكم بعيد. فإما أن تصطلح مع العجم ، وإما أن تسلم البلدة لهم. فلما ورد على سليمان ما أرسله مصطفى وقرأه على أهل البصرة أيقنوا بالهلاك. فخرج جماعة من الأعيان طالبين من صادق خان الأمان للنفوس والاعراض. فدخل البصرة ولم يبق مآثم ومظالم إلا ارتكب منها المتون وعمل من فنون الظلم ما لا تتصوره من غيره الظنون ، وقبض على سليمان وجماعة من الأعيان. فضاق من أهلها ساحة الصبر. وهرب العلماء ومن عز انخذل وأضحى كل مسجد دارس ، وموضع العلم بلا معلم ودارس. والأكابر ترسف بالأداهم ، والأعناق مطوقة بأطواق المغارم ، وبدّل من الانبساط العصي والسياط ، كم مخدرة تنادي وا ويلاه ، وحرة تقول واطول ليلاه.
ولامتداد يد بغيهم عليها كتب البليغ الأديب عبد الله بن محمد الكردي البيتوشي الخانخلي الآلاني كتابا إلى سليمان بن عبد الله بن شاوي الحميري العبيدي. لكونه إذ ذاك صدرا في العراق يستصرخه فيه لنصرة البصرة وتخليصها قائلا : فكيف تترك ـ البصرة ـ تحت اضراس العسف ، وتوطأ بمناسم الذل وتسام الخسف ، أفنسيتم ما لعلمائها من المناقب ، ولكرمائها من الأيادي والمواهب ... (وذكر أبياتا في مدح الشاوي).