نظرة عامة
حكومة المماليك أثرت على العراق سياسيا وثقافيا. فبرزت أهميتها كبيرة بما شوهد من وقائع. فخلدت لها ذكرا ، وأظهرت العراق مرة أخرى ، وإن كانت لم تتوافر لها الدوافع السياسية والبواعث الاجتماعية والاقتصادية ، من كل وجه.
وهذا العهد يهمّ كثيرا في إدراته ، وفي نفسيات أهليه ، وما اكتسب من العظمة في أوضاع جرت فيه ، أو فرضت عليه من سياسة مشى عليها الحاكمون أو جموح من الأهلين ، وهكذا ما كان من اتصالات بالخارج وعلاقات اقتصادية وحربية ... أو ما حصل من ثقافة.
استعان الوزير حسن باشا وابنه أحمد باشا (بالمماليك). فأكثروا منهم لتقوية سلطانهم وللقضاء على (الينگچرية) وتحكمهاتهم بالولاة وبالدولة ، فتمكنوا من هذه الادارة إلا أن السلطة حولت إليهم. ذاق المماليك حلاوة الحكم ، وشعروا بالقدرة ، فخلفوا أسيادهم في سلطانهم ولم يحصل من التبدل إلا أن يعلنوا ادارتهم. أرغموا الدولة أن تصادق على الأمر الواقع. وتسلطوا على الأهلين فأذعن العراق بالطاعة.
رغبوا في الحكم. وكان بأيديهم. فهم بين أن يتمشوا والإدارة الأهلية فيجدوا أكبر مناصر ، وبين أن يرعوا مطالب الدولة إلا أنهم كانوا في ريب منها. وفي كلتا الحالتين لم يجدوا الأمر مكفولا ، فليس لهم قدرة النضال ، وليس من الميسور أن تقبل الدولة الانقياد الظاهري أو أن تدع مجالا لأحد أن يتدخل في ادارتها. والأهلون بالمرصاد.
قرروا بعد تلوّم أن يجروا على خطة أحمد باشا في تسلطه وانقياده الظاهري للدولة دون معاكسة الأهلين ، فصرفوا الهمة إلى ارضاء الناحيتين مع مراعاة الحيلولة دون اتفاقهما. أبدوا الطاعة للدولة. وفي الوقت نفسه حاربوا الوالي المبعوث منها. وكان وضع الدولة آنئذ أن لا