ربح هذه الرحلات وإن لم ينجح في مسعاه وما ذهب من أجله فالطغيان لم يكن من الولاة كما توهم. وإنما كان ذلك مقصود الدولة فخاب أمله وعاد بالخذلان ، إلا أنه ترك لنا ثروة أدبية وعلمية وتاريخا ناطقا. وكان يعلم ما كان ينوشه من افتراء وتدليس وبيّن أنه لا يخلو هناك من مناضل يذب عنه ولكن تغلب أهل الشقاوة فقضي على آماله.
حوادث سنة ١٢٦٨ ه ـ ١٨٥١ م
نفي وإبعاد :
في يوم الخميس سلخ شهر ربيع الآخر سنة ١٢٦٨ ه نفى نامق باشا مقدار مائة رجل من أهل الجنايات إلى البصرة. كانوا في السجن ، وأكثرهم لم يستوجب النفي ، ولكن نفاهم عملا بقواعد التنظيمات التي هي مدار أحكامهم وسياستهم (١).
صالح العيسى شيخ المنتفق :
في غرة جمادى الثانية قدم إلى بغداد الشيخ صالح بن عيسى (٢) من أمراء المنتفق وكان أبوه شيخا على المنتفق ، أرسل عليه الحكام ، ونزل خارج البلد ، في باب المعظم. وقصد الحكام يسيّرون معه عساكر إلى بلاده ويجعلونه شيخا عوض الشيخ منصور بن راشد. وفي ثالث يوم قدومه عبّروه دجلة من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي ونزل (باب الحلة) ، وسمع أن عرب زبيد مرامهم يغتالونه فطلب من الوزير نامق باشا أن يسير إلى بلاده من الجانب الشرقي لئلا يظفر به
__________________
(١) كذا قال صاحب التاريخ المجهول. وكان من الناقمين.
(٢) الشيخ صالح بن عيسى بن محمد بن ثامر السعدون. وهو الذي بنى قلعة صالح بين العمارة والقرنة. والآن هي قضاء. وكان والده عيسى الحريق شيخا على المنتفق.