وشؤونهم ، وما يشكون من ظلم نالهم ، أو تعديات لحقت بهم .. فعرف ما هناك مما يجيش في صدورهم ..
والملحوظ أن مدحت باشا لا يتسرع في الحكم ولا يعجل في الحل ، ولكن الأستاذ سليمان فائق قد بيّن أنه أمر حالا أن يكون هؤلاء تابعين لقضاء القرنة وفصلهم عن المنتفق ، وأكد لهم أنهم صاروا بنجوة عن التعديات ، وأوصاهم أن يسعوا لأمر الزراعة ، وأن يثابروا على ما يعود لهم بالخير ، وأن يراجعوا في مصالحهم قضاء القرنة ..
قال : وبعد بضعة أيام ورد ناصر باشا البصرة ، وجلب الشيوخ المرقومين وقال لهم أنتم من المنتفق فلا تعرفوا غير ذلك ، وهدّدهم أن يخالفوا أمره ، وحذّرهم أن يفرط منهم ما يكره ، ولم يكتف بهذا بل وبّخ قائممقام القرنة ، وأبدى سخطه عليه. ولما وصل إلى البصرة واجه صاحب رأيه وهو اليهودي ، وأخذ منه الدرس وبيّن للوزير أن تفريق هذه الأماكن وفصلها عن المنتفق يستدعي محاذير ، ويخشى أن يقع اضطراب بين العشائر والحكومة .. وكأنه يذكره بما وقع في الحلة ، فاتخذ ذلك وسيلة التهديد من طرف خفي ، وأبدى مطالعته في لزوم صرف النظر عن ذلك.
ومن ثم أصر ناصر باشا على رأيه ، وصار مدحت باشا يلتمس الخروج من هذا المأزق واستطلع رأي الأستاذ سليمان فائق ، وقال له إن ناصر باشا لا يزال مصرا ، ولم يتقرب بوجه فهل في وسعنا الموافقة على ترك هذه الأماكن تابعة للمنتفق ..؟
فأبدى الأستاذ أن فهد بك كان قد أعطى كلاما باتا في الموافقة على ترك المواطن المذكورة ، وأخرى غيرها وهو لا يزال في بغداد .. ولا يدري ما إذا كانوا يتزاحمون ، فلم تعرف فكرته الآن .. وعشائر المنتفق محاربة كعشائر الحلة ، ولآل السعدون سلطة قوية عليهم ، وإن