«كانت الأراضي ولا تزال تعطى بالالتزام وأن صاحب الأرض يعلم يقينا أنها ليست ملكه فلا يغرس فيها ، ولا يراعي إصلاحها الدائم لتكون المنفعة مستمرة .. وهذا الحال مشهود ..
وهذا كان يأتي بالنفع للحكومة من جراء إعطائه بالالتزام ، إلا أن أضراره كبيرة من جراء ما يأخذه الملتزمون ، وما يقسرون الأهلين على أخذه زيادة عما تطلبه الحكومة بأمل الاستفادة والمقادير متفاوتة بين الخمس والثلث أو أكثر ..
وآمال الحكومات اليوم ليس المراد بها سلب الأهلين ما عندهم ، وإنما همّها مصروف لزيادة الثروة العامة ، ومراعاة نفع الأهلين .. والتجارة عندنا منحطة ، فلا طريق للاستفادة إلا من ناحية الزراعة ..
والزارع لا يملك مزرعته ، ولا يد له في التصرف بها .. فإذا أخذ الميري حصته ، والملتزم حصل على نصيبه فلا يبقى بيد الفلاح إلا الربع أو الخمس أو أقل .. فاقتضى سوقه إلى أن يكون مالكا لينال رفاها ..
فاختارت الدولة التفادي في سبيل منفعة هؤلاء ..
ومن ثم ابتدأت في أن تجعل الأراضي طابو وتفوضها بالمزايدة لطالبها أو لزارعها .. كما هو الشأن في الأراضي في البلدان الأخرى ..
وقد شوهد ما يعارض هذا التصرف من الدعاء بالعقر ، وهو واحد من عشرين أو من خمسة وعشرين أو من ثلاثين وهذا الحق مشهود بعضا وثابت قطعا ، وبعضهم صار يدعي به بلا وجه حق ..
وهذا الحق كان قد منح للفاتحين الأولين ، وبقي أثره إلى اليوم ..
ولا يضر بتصرف المالكين ثم إنه بعد زمان صار يوجه إلى بعض الأشخاص ممن قام بمهمة عسكرية ، أو تعهد بالقيام بها بالوجه المطلوب منه .. والحال أن مثل هذا لم يبق فيه لزوم ، وأن الترقيات الحاضرة تستدعي أن تقوم الحكومة رأسا بمثل هذه الأمور .. وأن القيام