عرفتا من نتائج وخيمة إلا أن محمد علي ميرزا حاول أن يعيد إلى الأذهان وقائع نادر شاه أو حوادث عباس شاه ... فلم يفلح. وبعد وفاته سنة ١٢٣٧ ه ـ ١٨٢١ م هدأت الحالة وتم الصلح بين إيران والعراق سنة ١٢٣٨ ه ـ ١٨٢٢ م. وأكد هذا الصلح بمعاهدة سنة ١٢٤٥ ه ـ ١٨٢٩ م (١).
عزمت الدولتان على تحقيق الصلح بعد مخابرات سياسية كثيرة (٢) فعقدتا المعاهدة على أن يجري تحديد الحدود فورا ، وأن يبدأ من خليج فارس ويمضي التحديد حتى يصل إلى أرضروم (أرزن الروم) فوقع ذلك فعلا واختار العثمانيون الفريق درويش باشا وبصحبته خورشيد بك كاتبا وأوعز إلى الأخير منهما بتدوين ما يعرض من مواطن ومن سكان وأحوال اجتماعية وصناعة وعشائر وما ماثل. واختارت إيران أحد رجالها وعهد إلى أحد رجال الروس وأحد رجال الإنكليز فقاموا فعلا وأجروا التحديد إلا أنه لم يتم لما حدث من أوضاع وحالات طارئة.
وإن الفريق درويش باشا كتب تقريرا بالتحديد طبع عدة مرات إلا أنه مختصر بالرغم مما حوى من فوائد. وإن خورشيد بك صار (باشا) كتب (سياحتنامه حدود). فجاء كتابه هذا مكملا لذلك التقرير ولم نقف على مثلهما في إيران فكانا خزانة معلومات في أحوال العراق لم يترك فيهما شاردة ولا واردة فيما كان عليه العراق وما هو عليه في أيامهما. أما ما حدث بعد ذلك فمعلوم. ولعل علاقة خورشيد بك بالعراق دعت إلى هذا التفصيل.
أدركنا الوضعين نزاع الحدود وماهيته ، وحالة القطر ، فكشفا ما لم
__________________
(١) رحلة المنشي البغدادي ص ٩ وتاريخ العراق بين احتلالين ج ٦.
(٢) عندي مجموعة خطية باللغة التركية مشتملة على هذه الوثائق والمخابرات السياسية.