ولم يدر هؤلاء أنهم عرضة للبلى ، على حد تعبير أبي العلاء :
روعتم السابح في لجّه |
|
وهجتم في الجوّ ذات الجناح |
هذا وأنتم عرضة للبلى |
|
فكيف لو خلدتم يا وقاح |
إعلان الحرب :
الدولة العثمانية في وضع لا يخلو من خطر بالنظر للدول العظمى ، وكل واحدة يخشى منها أن تخرق الحياد ، فتضطرها إلى الدخول في الحرب ، والبقاء على الحياد أمر لا يرتضيه المتحاربون ، فصاروا في الحرب العامة الثانية يدعون إلى أن تكون الدولة معهم ، أو في جانب عدوّهم ، ولا يعتبر هناك أمر ثالث. ولا شك أن الدولة العثمانية ليس لها أمل في ربح ، وهي من الضعف بمكانة ، فالتزمت الحياد ، وتأهبت للطوارىء بإعلان النفير العام في ١١ شهر رمضان سنة ١٣٣٢ ه ـ ٣ آب (١) سنة ١٩١٤ م. ولم تر أن تدخل في المعمعة وربما كانت هي المقصودة من بين الدول التي تشملها أطماع المتحاربين ، أو ربما كانت العامل في تحريك شهوة الحرب. قبلت البدل النقدي من غير المسلمين ، وأجلت الديون ، وراعت كل التأهبات التي فعلتها الدول الغربية ، وتكاثر أمر الاهتمام بالحرب.
حدث النفير العام ، فضاق الأمر بالناس ووقع الاضطراب. وتوالى سوء الحالة. وبقي الترك على حيادهم إلى يوم ١٦ تشرين الأول سنة ١٣٣٠ رومية. وكانت الحرب على أشدها ولا شك أن العثمانيين كانوا حجر عثرة في المواصلة بين الروس وحلفائهم ، فلم يسهل أمر التعاون
__________________
(١) في مجموعة الأستاذ محمد درويش يوم الاثنين ٢ آب سنة ١٩١٤ م. والزوراء عدد ٢٤٧٦ ، وخاطرات جمال باشا ، و (عراق سفري) تأليف جاويد باشا ص ٧.