وماهيته ، ولا تيسرت مراجعة روسية للتفاهم ، فجلبت هذه سفيرها الكبير دون تأخير ، وتقدمت جيوشها وتجاوزت حدود أرضروم (أرزن الروم) في نقاط مختلفة وهكذا فعل الفرنسويون وكذا الإنكليز كانوا في انتظار الحرب معها ، فدعوا سفراءهم ، وابتدروا فعلا بالمخاصمات. ومن ثم صار (٢٩ تشرين الأول سنة ١٩١٤ م) تاريخ إعلان الحرب على الدولة العثمانية ، فدافعت الدولة عن نفسها واشتبكت أيضا في الحرب ..
قالوا : وجاءت نوايا هؤلاء مؤيدة باتفاقية (سازونوف) المتضمنة تقسيم الدولة العثمانية وتأهبات الإنكليز لانتظار هذا اليوم الذي اتخذ وسيلة ، وكذا الدول الأخرى بضرب (چناق قلعة) ، والفاو ، والدخول في المعارك الفعلية ، ودخلت في الحرب. وآمال كل دولة من هذه الدول مؤكدة بماضيها وأعمالها في حروب البلقان وغيرها (١).
يضاف إلى ذلك أن العثمانيين بينوا أن الحلفاء احتلوا استنبول ولم يستطيعوا أن يوضحوا الأسباب والعوامل ، وأكدوا أيضا بقولهم إن أطماع روسية كانت مصروفة إلى ابتلاع المملكة العثمانية ، وإن الوثائق التي نشرتها روسية بعد الانقلاب ، كانت تعد من الوثائق السرية المحرم نشرها وقد وردت في النشرة السابقة فأذاعت وثائق برقم ٦٨ و ٦٩ و ٧٠ ومنها يقطع بأن لا مجال لحياد العثمانيين ، وكان دخولهم ضرورة لا مندوحة منها ، ولا يمكن التخلي عنها بوجه (٢).
هذا ما بينه الترك في نشرياتهم من جرائد وصحف وكتب. وكانوا يرون هذه الحرب فرصة سانحة لأخذ الانتقام ، والرأي العام الأوروبي حانق على الدولة ، ويبغي القضاء عليها. فكان كتّاب الترك وأكابر
__________________
(١) (حرب عمومينك منشألري). مصدر بمقدمة طلعت بك وزير الداخلية.
(٢) (بيوك جريدة ترك حربي) ج ١ ص ٨ طبع سنة ١٩٢٧ م وهو مترجم عن الفرنسية وهذا النص مقتبس من مقال (آجوره أوغلي يوسف).