بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
(وبعد) فالتاريخ بيان حياة الأمم فلم نر شعبا أهمل أمره ، ويرجع تاريخنا في القدم إلى أبعد العصور ، سجل حوادثه الحربية والسياسية ، وله الفخر في مضمار السبق في هذا التدوين. وكذا دوّن ثقافة العصور أو تاريخ التفكير ، وتعزى إلى التاريخ منافع جمة اجتماعية وتشريعية وأدبية وعلمية وسائر ما يتعلق بالحضارة كما نعلم منه نفسيات الأمم. ومجتمعنا أولى في استفادتنا وأحق بالتفهم ، فهو حياتنا في مختلف العصور ، وفيه تاريخ نضالنا تجاه العتاة القساة المعتدين والطامعين المدمرين ، فندرك الأخطار التي انتابتنا لنتوقى تكرارها ولا شك أننا نستفيد منه أكثر من تلقين الناصحين وأكبر من وعظ الواعظين ، لتلافي النقص ، وسدّ الخلل ، وكل ما فيه تجارب يعد إهمالها جهلا أو غفلة بل جريرة يؤخر بها سيرنا أمدا طويلا. والعراق طافح بأمثال هذه الحوادث وليس بعد المعرفة مستعتب من لزوم الذبّ عن حريتنا.
وحوادث هذا العهد تمتد من سنة ١٢٨٩ ه ـ ١٨٧٢ م إلى سنة ١٣٣٥ ه ـ ١٩١٧ م. وفي هذه عبرة كبيرة من المحتم أن نتحاشى تكرار ضررها حذر أن تنطبق علينا آية :