ابن الجوزي ... ولم يعبأ بقوله أحد ، بل تعجّبوا منه وحذّروا من الاغترار به ، بل تجد في كلماتهم حول الرّجل التصريح بأنّه لا يؤخذ بكلامه حول الأحاديث ولا يعتمد عليه ... وإليك بعض الشواهد على ذلك :
قال الذهبي بترجمة أبان بن يزيد العطّار : « وقد أورده العلامة أبو الفرج ابن الجوزي في الضعفاء ولم يذكر فيه أقوال من وثقه ، وهذا من عيوب كتابه ، يسرد الجرح ويسكت عن التوثيق » (١).
وبترجمة ابن الجوزي نفسه من ( تذكرة الحفاظ ) عن الموقاني : « وكان كثير الغلط فيما يصنّفه ، فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره » فأضاف الذهبي : « قلت : له وهم كثير في تواليفه ، يدخل عليه الداخل من العجلة والتحوّل الى مصنف آخر ، ومن أن جلّ علمه من كتبٍ وصحف ما مارس فيه أرباب العلم كما ينبغي » (٢).
وقال ابن حجر بترجمة ثمامة بن الأشرس البصري بعد قصة : « دلّت هذه القصة على أن ابن الجوزي حاطب ليلٍ لا ينتقد ما يحدّث به » (٣).
وقال السّيوطي : « قال الذهبي في التاريخ الكبير : لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة ، بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه » (٤).
وقال السّيوطي في تعقيباته : « واعلم أنّه جرت عادة الحفاظ كالحاكم وابن حبّان والعقيلي وغيرهم أنهم يحكمون على حديثٍ بالبطلان من حيثيّة سندٍ مخصوص ، لكون راويه اختلق ذلك السند لذلك المتن ، ويكون ذلك المتن معروفاً من وجهٍ آخر ، ويذكرون ذلك في ترجمة ذلك الراوي يجرحونه به ، فيغترّ ابن الجوزي بذلك ويحكم على المتن بالوضع مطلقاً ، ويورده في كتاب الموضوعات ،
__________________
(١) ميزان الاعتدال ١ / ١٦.
(٢) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٤٧.
(٣) لسان الميزان ٢ / ٨٣.
(٤) طبقات الحفّاظ : ٤٨٠.