وليس هذا بلائق ، وقد عاب عليه الناس ذلك ، آخرهم الحافظ ابن حجر ».
وقال السيوطي بشرح النووي : « وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو مجلّدين ، أعني أبا الفرج ابن الجوزي ، فذكر في كتابه كثيراً ممّا لا دليل على وضعه بل هو ضعيف » وأضاف السيوطي : « بل وفيه الحسن بل والصحيح ، وأغرب من ذلك أن فيها حديثاً من صحيح مسلم كما سأبيّنه. قال الذهبي : ربما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حسناً قويّةً ... » (١).
هذا ، وقد ذكروا بترجمته أنّه قد أودع السّجن مدةً من الزّمن بفتوى علماء عصره لبعض ما ارتكبه ... (٢).
فكان حال ابن الجوزي في نظر علماء القوم وفقهائهم حال ابن تيميّة الحرّاني الذي حكم عليه بالسّجن ـ بعد أنْ لم يفد معه البحث ، ولم تؤثّر فيه الموعظة والنصحيحة ـ فبقي مسجوناً الى أن مات في السّجن ... (٣).
__________________
(١) تدريب الراوي ١ / ٢٣٥.
(٢) مرآة الجنان ـ حوادث ٥٩٥.
(٣) راجع ترجمة ابن تيمّية في المصادر الرجالّية والتّاريخيّة ، من ذلك : الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر ١ / ١٤٧ ، البدر الطّالع للحافظ الشوكاني ٢ / ٢٦٠. وقال ابن حجر المكي صاحب الصواعق في فتوىً له : « ابن تيمية عبد خذله الله وأضلّه وأعماه وأصمّه وأذلّه ، وبذلك صرّح الأئمة الذين بيّنوا فساد أحواله وكذب أقواله ، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الامام المجتهد المتفق على على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي ، وولده التاج ، والشيخ الإمام العزّ ابن جماعة ، وأهل عصرهم ، وغيرهم من الشافعيّة والمالكية والحنفيّة. ولم يقصر اعتراضه على متأخّري الصوفية ، بل اعترض على مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ.
والحاصل : أنْ لا يقام لكلامه وزن ، بل يرمى في كلّ وعر وحزن ، ويعتقد فيه أنه ضال مضل غال ، عامله الله بعدله ، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله. آمين » الفتاوى الحديثيّة : ٨٦.