وأبو الطفيل صحابي لا شكّ فيه ، ولا يؤثر فيه قول أحدٍ ولا سيّما بالعصبيّة والهوى. ولم أر له في صحيح البخاري سوى موضع واحدٍ في العلم ، رواه عن علي ، وعنه معروف بن خربوذ. وروى له الباقون » (١).
عندما ينقل علماء الشيعة توثيق رجلٍ من رواة أهل السنة عن أئمة الجرح والتعديل منهم ... فإنّهم لا يدّعون كون أهل السنة متّفقين على وثاقة الرّجل ... لأنّ طرائق القوم وأنظارهم في الجرح والتعديل مختلفة ، كما لا يخفى على من راجع كتبهم في علم رواية الحديث ... بل لا يوجد عندهم المجمع على قبوله ووثاقته إلاّ أقل قليلٍ من الرّواة ، ولذا أسّسوا قاعدةً في تعارض الجرح والتعديل ، وأنّ أيّهما المقدَّم على الآخر ...
ولعلّك تستغرب إذا ما سمعت أنّ القوم لم يتّفقوا حتّى على مثل ( البخاري ) و ( مسلم ) صاحبي الكتابين المعروفين ب ( الصحيحين ) ! ... لكنّه أمر واقع ... وإليك بعض العبارات الصّريحة في هذا الأمر المهم بالنسبة إلى الأهم الأشهر منهما وهو « البخاري ».
قال الحافظ الذهبي بترجمة علي بن المديني بعد الكلام عليه : « وكذا امتنع مسلم عن الرواية عنه في صحيحه ، لهذا المعنى ، كما امتنع أبو زرعة وأبو حاتم من الرواية عن تلميذه ( محمد ) لأجل مسألة اللفظ. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : كان أبو زرعة ترك الرواية عنه من أجل ما كان منه في المحنة » (٢).
و ( محمد ) هو ( البخاري ).
ولأجل تكلّم الرجلين في البخاري ، فقد أورده الذهبي في ( الضعفاء ) وقال :
__________________
(١) مقدمة فتح الباري : ٤١٠.
(٢) ميزان الاعتدال ٣ / ١٣٨.