واستغفر الله تعالى ، نسأل الله السلامة ونعوذ به من الخذلان » (١).
وعندما ينقل علماء الشيعة الحديث عن كتابٍ من كتب القوم فليس معنى ذلك كون كلّ ما فيه من الأحاديث معتبراً ، فإنّه وإنْ اشتهرت بين القوم كتب بالصّحاح ، واشتهر من بينها كتابا البخاري ومسلم ، فكانا أصحّ الكتب عندهم بعد القرآن الكريم ، لكنّ ذلك مشهور عندهم وليس بمتّفقٍ عليه ، ولذا تراهم يردّون بصراحةٍ كثيراً من الأحاديث المخرجة في الكاتبين فكيف بغيرهما من الكتب ... ولا بأس بالإشارة إلى بعض ذلك :
فمنها : ما أخرجه البخاري من حديث خِطبة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عائشة إلى أبي بكر ، فقال له أبو بكر : « إنّما أنا أخوك ». قال الحافظ ابن حجر : « قال مغلطاي : في صحّة هذا الحديث نظر ... » (٢).
ومنها : ما أخرجه البخاري حول شفاعة إبراهيم الخليل عليهالسلام لأبيه. قال الحافظ ابن حجر : « قد استشكل الاسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحّته » (٣).
ومنها : ما أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه من حديث صلاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على عبد الله بن أُبي ، وأنه نزل في هذه القصّة قوله تعالى : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ... ). قال ابن حجر : « استشكل فهم التخيير من الآية ، حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطّعن في صحة هذا الحديث ، مع كثرة طرقه واتفاق الشيخين وسائر الذين خرّجوا الصحيح على تصحيحه » فذكر من
__________________
(١) فيض القدير ١ / ٢٤.
(٢) فتح الباري ١١ / ٢٦.
(٣) فتح الباري ٨ / ٤٠٦.