الإسلامية للتأليف في المسائل العقائدية ، وكثير منهم يتعرّضون لعقائد الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، وخاصّة في الإمامة والخلافة ، لكنّها ـ في الأغلب ـ حملات وتهجّمات مفعمة بالضغينة والحقد ... إلاّ أن الملفت للنّظر وقوع التناقضات العجيبة فيما بين هؤلاء الكتّاب من جهةٍ ، وبينهم وبين علمائهم السابقين من جهةٍ أخرى.
فالسّابقون منهم على أنّ « الخلافة عن النبي » من فروع الدين لا من أصوله ، فتكون الإمامة من المسائل العمليّة الفرعية ، شأنها شأن الصلاة والزكاة ونحوهما ، ولكلّ مجتهدٍ رأيه ... يقول القاضي عضد الدّين الايجي وشارحه الجرجاني : « الإمامة ومباحثها ليست من أصول الديانات والعقائد ـ خلافاً للشيعة ـ بل هي عندنا من الفروع المتعلّقة بأفعال المكلّفين » (١) ويقول سعد الدين التفتازاني : « لا نزاع في أن مباحث الإمامة بفروع الدين أليق ، لرجوعها إلى أن القيام بالإمامة ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكفايات ... ولا خفاء في أن ذلك من الأحكام العملية دون الإعتقادية » (٢).
وإذا كان هذا حكم الإمامة عندهم ، فلماذا هذه الحملات والهجمات على الإماميّة ؟
ثم إنهم يقولون بأنّ الإمامة تنعقد بالقهر والغلبة ، فيجب إطاعة من تغلّب على الأمر وتسلّط على المسلمين بالجور والسّيف ، وكان فاجراً وفاسقاً ، وهذا ما نصَّ عليه التفتازاني وابن تيمية وغيرهما.
وفي هذه الأُصول إنكار للحكومة الشرعية ، وتقرير لسلطنة الظالمين ، وفصل بين الدنيا والدين ...
فهذا ما بنى عليه السابقون.
__________________
(١) شرح المواقف ٨ / ٣٤٤.
(٢) شرح المقاصد ٥ / ٢٣٢.