هذا ، وقد تكلَّمنا على كلّ هذا في أحد الفصول الماضية تحت عنوان ( حديث الثقلين والمحاولات السقيمة ).
يقول « الدكتور » : « ثالثاً : الصحيحان : لم يرد في صحيح البخاري ذكر لحديث الثقلين ، إلاّ ما أشرنا إليه من قبل من أن الإمام البخاري جعل من كتب صحيحه : كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ».
لكنْ ما المقصود من هذا الكلام ؟ فسواء جعل البخاري ذلك من كتب كتابه أو لم يجعل ، فالاعتصام بالكتاب والسنة لا خلاف فيه بين المسلمين ... ولكنْ إذا كان إعراض البخاري عن حديث التمسّك بالكتاب والعترة موهناً له فقد أعرض عن حديث الثقلين الوارد في الموطّأ !
لكن حديث الموطأ لا سند له ، وإعراض البخاري أو غيره عن حديث لا يوهنه إذا كان له طريق صحيح ، وقد نصَّ غير غير واحدٍ من الأئمة على أنّه ليس كلّ ما ليس في الصحيحين بمردود ، وهذه عبارة الإمام النووي ـ كما وصفه « الدكتور » لدى النقل عنه ـ في الدفاع عن الصحيحين : « فإنّهما لم يلتزما استيعاب الصحيح ، بل صحَّ عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه ، وإنما قصدا جمع جملٍ من الصحيح ، كما يقصد المصنّف في الفقه جمع جملةٍ من مسائله » (١).
وقال ابن القيّم في حديث أبي الصهباء الذي انفرد به مسلم : « وما ضرَّ ذلك الحديث انفراد مسلم به شيئاً ، ثم هل تقبلون أنتم أو أحد مثل هذا في كلّ حديثٍ ينفرد به مسلم عن البخاري ؟ وهل قال البخاري قط : إن كلّ حديثٍ لم ادخله في كتابي فهو باطل أو ليس بحجةٍ او ضعيف ؟ وكم قد احتجّ البخاري بأحاديث خارج
__________________
(١) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ١ / ٣٧.