الصحابة : كان مما أنزل الله آية كذا ، وكانت آية كذا تحت السرير فلما تشاغلنا بموت رسول الله دخل داجن فأكلها. وكنّا نقرأ فيما نقرأ على عهد رسول الله آية كذا. وكانت آية كذا من القرآن وأسقطت فيما أسقط منه ... وهكذا في عشراتٍ من الأحاديث الصحيحة سنداً ، تراهم يصرّحون بنقصان القرآن وهم الجامعون له (١).
ومن هنا جاء في كتب القوم التصريح بالتحريف عن جماعةٍ منهم ، ففي تفسير القرطبي أنّه طعن قوم على عثمان جمع القرآن (٢) وذكر الرّافعي ذلك عن جماعةٍ من أهل الكلام (٣) وعن الثوري ـ الذي وصفوه بأمير المؤمنين في الحديث ـ : « بلغنا أنّ ناساً من أصحاب النبي كانوا يقرأون القرآن اصيبوا يوم مسيلمة فذهب حروف من القرآن » (٤) وقال الشعراني المتوفى سنة ٩٧٣ : « لولا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبيّنت جمعيع ما سقط من مصحف عثمان » (٥).
حتى أنّ بعض ائمتهم في القراءات في القرن الرابع ، كان يقرأ ما حملته تلك الروايات عن أولئك الصحابة جاعلاً إيّاها من القرآن حقيقةً ، اقتداءً بهم ، لكنّ فقهاء القوم أشاروا على السّلطان بالقبض عليه ، وضربه ، فضرب ضرباً شديداً ، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالتوبة ، فخلي سبيله وكتب عليه كتاب بتوبته ، وأخذ فيه خطّه بالتوبة (٦) فتاب من العمل بما جاء في صحيحي البخاري ومسلم وسائر الصّحاح ... عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وأبي موسى الأشعري ، وزيد بن ثابت ،
__________________
(١) تجد هذه الأحاديث وغيرها مع النظر في أسانيدها ومداليلها في كتابنا : التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف. ط دار القرآن الكريم. قم / ايران.
(٢) تفسير القرطبي ١ / ٨٤.
(٣) إعجاز القرآن : ٤١.
(٤) الدر المنثور ٥ / ١٧٩.
(٥) الكبريت الأحمر ـ هامش اليواقيت والجواهر ـ ١٤٣.
(٦) راجع قضية أبي الحسن محمد بن أحمد بن شنبوذ البغدادي المتوفى سنة ٣٢٨ في تاريخ بغداد ١ / ٢٨٠ ، وفيات الأعيان ٣ / ٣٢٦ ، غاية النهاية في طبقات القراء ٢ / ٥٢.