القضاء من المناصب الجليلة ، فلا يليق به ، وحكم المدبّر والمكاتب المطلق وإن أدّى شيئا من مال الكتابة وتحرّر بعضه حكم القنّ ، وفيه نظر.
وأمّا الأعمى ، فالّذي ذكره الشيخ رحمهالله أنّه لا ينعقد قضاؤه ، لعدم تمييزه بين المقرّ والمقرّ له ، وما يكتبه كاتبه بين يديه. (١) وهو حسن.
وهل ينعقد قضاء الأمّي؟ فيه نظر ، ينشأ من شدّة الحاجة إلى الضبط الّذي لا يتيسر بغير الكتابة ، ومن كون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أوّل أمره خاليا عن الكتابة ، وهو سيّد الحكّام ، (٢) والأقرب الاشتراط ، وقوّة التمييز في النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يحصل لأحد غيره.
والأقرب انعقاد القضاء للأخرس والأصمّ.
٦٤١٩. الرابع : ينبغي أن يكون الحاكم قويّا من غير عنف ، لينا من غير ضعف ، لئلّا يطمع القويّ في باطله ، ولا ييأس (٣) الضعيف من عدله ، حليما ، بصيرا بمزايا الأمور ، (٤) ذا فطنة وقّادة ، لا يؤتى من غفلة ، ضابطا ، صحيح السمع ، قويّ البصر والبصيرة ، عارفا بلغات أهل ولايته ، شديد العفّة ، كثير الورع ، نزها بعيدا من الطمع ، صادق اللهجة ، ذا رأي سديد ، ليس بجبّار ولا عسوف ، فقد روي عن
__________________
(١) المبسوط : ٨ / ١٠١.
(٢) قال الشيخ في المبسوط : ٨ / ١٢٠ : والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عندنا كان يحسن الكتابة بعد النبوّة ، وانّما لم يحسنها قبل البعثة.
وقال الشهيد الثاني قدسسره بعد نقل كلام الشيخ من المبسوط : «والأظهر خلافه». لاحظ المسالك : ١٣ / ٣٢٩. وقد بسط شيخنا السبحاني الكلام في ذلك الموضوع في كتاب «مفاهيم القرآن» الجزء الثالث فلاحظ.
(٣) في «أ» : ولا يئس.
(٤) في «أ» : «بصيرا مميّزا بالأمور» ولعلّه مصحّف.