فذهب شحمُه وتطأطأ شرفُه. وجِدار خاشع ، إذا تداعى واستوى مع الأرض.
وقال النابغة :
ونُؤيٌ كجِذم الحوضِ أثلم خاشعُ
قال الليث : خشع الرجل يخشَع خشوعاً ، إذا رمَى ببصره إلى الأرض. واختَشَع ، إذا طأطأ صدره وتواضع. قال : والخُشُوع قريبٌ من الخضوع ، إلّا أن الخضوع في البدن والإقرار بالاستخداء ، والخشوع في البدن والصَّوت والبصر. قال الله : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) [طه : ١٠٨] : وقال ابنُ دَريد : خشَع الرجل خَراشيَّ صدرِه ، إذا رمَى بها.
قلت : جعل خشَع واقعاً ، ولم أسمعه لغيره.
باب الخاء والعين مع الضاد
[ع خ ض]
استعمل من وجوهه : خضع : قال الله جلّ وعزّ : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشُّعَرَاء : ٤]. أخبرني المنذري عن أبي جعفر الغسّاني عن سَلَمة عن أبي عبيدة ، أن يونس أخبره عن أبي عمرو أنه قال : خاضِعِينَ ليس من صفة الأعناق ، إنما هو من صفة الكناية عن القوم الذين في آخر الأعناق ، فكأنه في التمثيل : فظلَّت أعناق القوم خاضعين ، فالقومُ في موضع هم.
وقال الكسائيّ : أراد فظلت أعناقُهم خاضِعِيها هم ، كما تقول : يدُك باسطها ، تريد أنت ، فاكتفيتَ بما ابتدأتَ من الاسم أن تكُرَّه.
قلت : وهذا غير ما قال أبو عمرو.
وقال الفراء : الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون. فجعلَ الفعلَ أوّلاً للأعناق ثم جعل خاضعين للرجال. قال : وهذا كما تقول : خضعت لك ، فتكتفي من قولك خضعَتْ لك رقبتي.
وقال أبو إسحاق : قال خاضعين وذكّر الأعناق ، لأن معنى خضوع الأعناق هو خضوع أصحاب الأعناق ، لمَّا لم يكن الخضوع إلّا بخضوع الأعناق جاز أن يخبر عن المضاف إليه ، كما قال الشاعر :
رأت مَرَّ السِّنينَ أخذْنَ منّي |
كما أخذَ السِّرارُ من الهلالِ |
لمّا كانت السنون لا تكون إلا بمرّ أخبر عن السنين وإن كان أضافَ إليها المرور.
قال : وذكر بعضُهم وجهاً آخر ، قالوا : معناه فظلت أعناقهم لها خاضعين هم ، وأضمر «هُمْ» وأنشد :
ترى أرباقَهم متقلِّدِيها |
كما صَدِىء الحديدُ على الكُماةِ |
قال : وهذا لا يجوز مثلُه في القرآن. فهذا على بدلِ الغلَط يجوز في الشعر ، كأنه قال ترى أرباقهم ترى متقلّديها ، كأنه قال : ترى قوماً متقلّدي أرباقهم.
وقلت : وهذا الذي قاله الزجاج مذهب الخليل. ومذهب سيبويه أنّ بدل الغلط لا يجوز في كتاب الله عزوجل.
قلت : وخضَع في كلام العرب يكون لازماً وواقعاً ، تقول خضعتُه فخضَع ومنه قول جرير :