وهذا مثلُ قولهم : «حتّى يَشيب الغُرابُ ويبيضَّ القار» وقال شمر : قال ابن الأعرابي : عَرَق القِربة وعلَقها واحد ، وهو مِعلاقٌ تُحمَل به القِربة.
قال : ويقال فلانٌ عِلْق مَضِنَّةٍ وعِرقُ مَضَنَّةٍ ، بمعنى واحد ، سمِّي عِلْقاً لأنّه عَلِق به لحبِّه إياه. يقال ذلك لكلِّ ما أحبَّه.
وقال أبو عبيد : وقال الأصمعيّ : عَرَق القربة كلمة معناها الشدَّة. قال : ولا أدري ما أصلها. وأنشد قول ابن الأحمر :
ليست بمَشْتَمةٍ تُعدُّ وعَفوُها |
عَرَق السِّقاء على القَعود اللاغبِ |
قال أبو عبيد : أراد أنّه يسمع الكلمةَ تغيظه وليست بمشتمةٍ فيأخذ بها صاحبها وقد أُبلِغَتْ إليه كعَرَق السِّقاء على القَعود اللاغب وأراد بالسِّقاء القربة.
وقال شمر : والعَرَق : النَّفْع والثَّواب. تقول العرب : اتَّخذْت عند فلانٍ يداً بيضاء وأخرى خضراءَ فما نِلتُ منه عَرَقاً.
وأنشد :
سأجعلُه مكانَ النُّون منِّي |
وما أُعطِيتُه عَرَقَ الخلالِ |
يقول : لم أُعطَه للمخالَّة والموادَّة كما يُعطى الخليلُ خليلَه ، ولكنّي أخذتُه قَسراً. أبو عبيد عن أبي زيد : يقال لقيتُ منه ذاتَ العَرَاقِي ، وهي الداهية. قال : وقال الأصمعيّ : يقال للخشبتين اللتين تُعرَضان على الدَّلو كالصَّليب : العَرْقُوَتان ، وهي العَراقي. وقال الكسائيّ : يقال إذا شددتهما عليها : قد عَرقَيتُ الدَّلوَ عَرقاةً. وقال الأصمعيّ أيضاً : العَرقوتان : الخشبتان اللتان تضُمّان ما بين واسط الرّحل والمؤخّرة. والعرب تقول في الدُّعاء على الرجُل : استأصل الله عِرقاتَهُ ، ينصبون التاء لأنهم يجعلونها واحدة مؤنثة.
وقال الليث : العِرقاة من الشجر أرومُه الأوسط ، ومنه تنشعب العروقُ ، وهي على تقدير فِعلاة.
قلت : ومن كسر التاء في موضع النصب وجعلها جمع عِرْقةٍ فقد أخطأ.
وقال شمر : قال ابن شميل : العَرقُوة أكَمة تنقاد ليست بطويلة في السَّماء ، وهي على ذلك تُشرِف على ما حولها ، وهي قريبٌ من الرَّوض أو غير قريب من الرّوض. قال : وهي مختلفة ، مكانٌ منها ليِّن ومكانٌ منها غليظ ، وإنما هي جانبٌ من أرضٍ مستوية ، مشرفٌ على ما حوله. والعَرَاقي : ما اتَّصل من الإكام وآضَ كأنّه حَرفٌ واحدٌ طويل على وجه الأرض. وأما الأكمة فإنها تكون ملمومة. وأما العَرقُوةُ فتطول على وجه الأرض وظهرِها ، قليلة العرض ، لها سَنَدٌ ، وقُبْلها نِجافٌ وبِرَاقٌ ، ليس بسهلٍ ولا غليظ جداً ، يُنبت ، فأمّا ظهره فغليظٌ خَشِنٌ لا يُنبت خيراً.
وقال أبو خيرة : العَرقُوة والعَراقي : ما غلُظ منه فمنعَكَ من عُلوِّه.
قلت : وبها سمِّيت الدَّاهيةُ العظيمة ذاتَ العراقي ، ومنه قول عوفِ بن الأحوص :
لقِينا من تدرُّئكم علينا |
وقَتْلِ سَراتنا ذاتَ العَرَاقي |