وأخبرني المنذري عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال : الجَعْد من الرجال : المجتمع بعضه إلى بعض. والسَّبِط : الذي ليس بمجتمع. وأنشد :
قالت سُلَيمى لا أحبُ الجَعْدِينْ |
ولا السِّباطَ إنهمْ مَناتِينْ |
وأنشد أبو عبيد :
يا ربَ جعدٍ فيهمُ لو تدرينْ |
يَضرب ضَر السُّبُط المقاديمْ |
قلت : وإذا كان الرجل مداخَلاً مُدمَج الخلْقِ معصوباً فهو أشدُّ لأسْرِه ، وأخفُّ له إلى منازلة الأقران ، فإذا اضطرب خَلْقُه وأفرط في طوله فهو إلى الاسترخاء ما هو. والجَعْدُ إذا ذُهب به مذهبَ المدح فله معنيان مستحبان : أحدهما أن يكون معصوب الجوارح شديدَ الأسر غير مُسترخٍ ولا مضطرب. والثاني أن يكون شعره جعداً غير سَبِط ؛ لأنَّ سبوطة الشعر هي الغالبة على شعور العجم من الروم والفرس ، وجُعودةَ الشعر هي الغالبة على شُعور العرب. فإذا مُدِح الرجل بالجعد لم يَخرُج من هذين المعنَيين. وأما الجعد المذموم فله أيضاً معنيان كلاهما منفيٌّ عمَّن يُمدح : أحدهما أن يقالُ رجلٌ جَعْدٌ ، إذا كان قصيراً متردّد الخلف. والثاني أن يقال رجلٌ جعدٌ ، إذا كان بخيلاً لئيماً لا يَبِضُّ حَجَرُه. وإذا قالوا رجل جَعْد اليدين ، وجعد الأنامل ، لم يكن إلّا ذمّاً محضاً.
والجُعودة في الخدَّين : ضدُّ الأَسالة ، وهو ذَمٌّ أيضاً. والجعودة ضدُّ السُّبوطة مدحٌ ، إلّا أن يكون قَطَطاً مُفلفَلاً كشعر الزنج والنُّوبة ، فهو حينئذٍ ذم. وقال الراجز :
قد تيَّمتْني طَفلةٌ أُملودُ |
بفاحمٍ زيَّنَه التجعيدُ |
وثرًى جَعْد ، إذا ابتلّ فتعقَّد. وزَبَدٌ جَعد : مجتمع. ومنه قول ذي الرمة :
واعتمَّ بالزَّبَدِ الجعدِ الخراطيمُ
والعرب تسمِّي الذِّئب أبا جَعدة ، ومنه قول عَبيد بن الأبرص :
هي الخمرُ صِرفاً وتُكْنَى الطِلاءَ |
كما الذِّئبُ يكنى أبا جَعدةِ |
قال أبو عبيد : يقول : الذئب وإن كنّي أبا جعدة ونُوِّه بهذه الكنية فإنَّ فعلَه غير حَسَن ، وكذلك الطِّلاءُ وإن كان خائراً فإنّ فعلَه فِعلُ الخمر لإسكاره شاربَه. كلامٌ هذا معناه.
[ع ج ت] : أهملت وجوهه.
باب العين والجيم والظاء
[ع ج ظ]
استعمل من وجوهه : جعظ : روي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ألا أنبئكم بأهل النار؟ كلُّ جَظٍّ جَعِظٍ مستكبِر» قلت : ما الجَظُّ؟ قال : «الضخم» قلت : ما الجَعِظ؟ قال : «العظيم في نفسه».
قلت : وتفسير الجَعِظ عند اللغويين يقرب من التفسير الذي جاء في الحديث. وقال الليث : الجَعِظ : الرجل السيّىء الخُلق يتسخَّط عند الطَّعام.