في تضاعيف أبواب الكتاب ، وتحمد الله ـ إذا أنصفتَ ـ على ما أفيدك فيها. والله الموفِّق للصواب ، ولا قوَّةَ إلّا به.
وأمَّا ما وجدتُه فيه صحيحاً ، ولغير الليث من الثقات محفوظاً ، أو من فصحاء العرب مسموعاً ، ومن الرِّيبة والشكّ لشهرته وقلَّة إشكاله بعيداً ، فإني أعْزيه إلى الليث بن المظفَّر ، وأؤدِّيه بلفظه ، ولعلِّي قد حفظته لغيره في عدَّة كتب فلم أشتغل بالفحص عنه لمعرفتي بصحَّته. فلا تشكَّنَّ فيه مِن أجلِ أنه زلَّ في حروفٍ معدودة هي قليلة في جَنْب الكثير الذي جاء به صحيحاً ، واحمدْني على نفي الشُّبَه عنك فيما صحَّحته له ، كما تحمدني على التنبيه فيما وقع في كتابه من جهته أو جهة غيره ممن زاد ما ليس منه. ومتى ما رأيتَني ذكرت من كتابه حرفاً وقلت : إني لم أجده لغيره فاعلم أنَّه مُريب ، وكنْ منه على حذر وافحصْ عنه ؛ فإن وجدتَه لإمام من الثقات الذين ذكرتُهم في الطبقات فقد زالت الشُّبَه ، وإلّا وقفتَ فيه إلى أن يَضِحَ أمرُه.
وكان شِمرٌ رَحِمه الله مع كثرة علمه وسماعه لما ألَّف كتاب «الجيم» لم يُخْلِهِ من حروف كثيرة من كتاب الليث عزاها إلى مُحارب ، وأظنه رجلاً من أهل مَرْو ، وكان سمع كتاب الليث منه.
ومن نظراء الليث : محمد بن المستنير المعروف بقطرب : وكان متَّهماً في رأيه وروايته عن العرب. أخبرني أبو الفضل المنذري أنه حضر أبا العباس أحمد بن يحيى ، فجرى في مجلسه ذكر قطرب ، فهجَّنه ولم يعبأ به.
وروى أبو عُمر في كتاب «الياقوتة» نحواً من ذلك. قال : وقال قطرب في قول الشاعر :
مثل الذَّميم على قُزْم اليعامير
زعم قطرب أن اليعامير واحدها يعمور : ضرب من الشجر. وقال أبو العباس : هذا باطل سمعت ابن الأعرابي يقول : اليعامير : الجِداء ، واحدها يَعْمور.
وكان أبو إسحاق الزَّجاج يهجِّن من مذاهبه في النحو أشياء نسبه إلى الخطأ فيها.
قلت : وممَّن تكلم في لغات العرب بما حضر لسانَه وروى عن الأئمة في كلام العرب ما ليس من كلامهم :
عمرو بن بحر المعروف بالجاحظ : وكان أوتيَ بسطةً في لسانه ، وبياناً عذباً في خطابه ، ومجالاً واسعاً في فنونه ، غير أن أهل المعرفة بلغات العرب ذمُّوه ، وعن