فقال : «خُذْها ملسَّنة القدمين ، مُقرمدَة الرفغين» قال البشتيّ : المقرمَدة : المجتمع قصبها.
قلت : هذا باطلٌ. ومعنى المقرمَدة الرُّفغين الضيِّقتُهما ؛ وذلك لالتفاف فخذيها ، واكتناز بادَّيْها. وقيل في قول النابغة يصف رَكَبَ امرأة :
رابي المَجَسَّة بالعبير مُقرمَدِ
إنه المضَيَّق ، وقيل : هو المطليّ بالعَبِير كما يُطلَى الحوض بالقَرمَد إذا صُرِّج.
ورُفغا المرأة : باطنا أصول فخذيها.
وقال البشتيُّ في «باب العين والباء» : أبو عبيد : العبيبة : الرائب من الألبان.
قلت : وهذا تصحيفٌ قبيح. وإذا كان المصنّف لا يميز العين والغين استحال ادّعاؤه التمييز بين السقيم والصحيح.
وأقرأني أبو بكر الإيادي عن شِمر لأبي عبيد في كتاب «المؤلف» : الغبيبة بالغين المعجمة : الرائب من اللبن. وسمعت العرب تقول للَّبن البيُّوت في السِّقاء إذا راب من الغد غبيبة. ومن قال عبيبة بالعين في هذا فهو تصحيف فاضح. وروينا لأبي العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : الغُبُب أطعمة النُّفَساء بالغين معجمة ، واحدتها غَبِيبة. قال : والعُبُب بالعين : المياه المتدفّقة. وقال غيره : العَبِيبة بالعين ، شيء يقطر من المغافير. وقد ذكرته في موضعه.
وقال البشتي في «باب العين والهاء والجيم» : العوهج : الحية في قول رؤبة :
حَصْبَ الغُواة العَوهجَ المنسوسا
قلت : وهذا تصحيف دالٌ على أنّ صاحبَه أخذ عربيّتَه من كتب سقيمة ، ونسخ غير مضبوطة ولا صحيحة ، وأنه كاذب في دعواه الحفظ والتمييز. والحية يقال له العَوْمج بالجيم ، ومن صيَّره العوهج بالهاء فهو جاهلٌ ألكن. وهكذا روى الرواةُ بيت رؤبة.
وقيل للحية عومج لتعمجه في انسيابه ، أي لتلوّيه. ومنه قول الشاعر يشبه زمام البعير بالحيةِ إذا تلوّى في انسيابه :
تُلاعِب مَثْنَى حَضرمي كأنه |
تعمجُ شيطانٍ بذي خِروعٍ قَفْرٍ |
وقال في «باب العين والقاف والزاي» : قال يعقوب بن السكيت : يقال قوزَع الديكُ ولا يقال قنْزَعَ. قال البُشتيّ : معنى قوله قوزعَ الديك أنه نفّشَ بُرائِلَه وهي قَنازعه.