قال : وأمّا الغَطْمَطِيط وجَلَنْبَلَق وحَبَطِقْطِق فإنّ لهذه الحروف وما شاكلها مما يُعرف الثنائي وغيره من الثلاثيّ والرباعيّ والخماسيّ فإنَّها في مواضعها بيّنة. والأحرف التي سمّيناهن فإنهنَّ عَرِين من الحُروف الذُّلق ، ولذلك نَزُرن فقَلَلْن. ولو لا ما لزمهنّ من العين والقاف ما (١) حَسُنَّ على حال ، ولكن العين والقاف ، لا تدخلان على بناءٍ إلّا حسَّنتاه ، لأنَّهما أطلق الحروف. أمّا العين فأنصعُ الحروف جَرْساً وألذُّها سماعاً. وأمّا القاف فأصحُّها جَرساً. فإذا كانتا أو إحداهما في بناء حسُنَ لنصاعتهما. فإن كان البناء اسماً لزمته السين أو الدال مع لزوم العين أو القاف ، لأن الدال لانت عن صلابة الطاء وكزازتها ؛ وارتفعت عن خُفُوت التاء فحسنت. وصارت حالُ السين بين مخرجَي الصاد والزاي كذلك. فمهما جاء من بناء اسم رباعي منبسط معرى من الحروف الذُّلق والشفوية فإنّه لا يعرى من أحد حرفي الطلاقة أو كليهما ، ومن السين والدال أو إحداهما ، ولا يضرُّه ما خالطه من سائر الحروف الصُّتْم.
وإذا ورد عليك شيءٌ من ذلك فانظر ما هو من تأليف العرب وما ليس من تأليفهم ، نحو قعثج ، دعثج ، لا ينسب إلى العربية ولو جاء عن ثقة ، أو قَعْسَج لم ينكر ولم نسمع به ، ولكنا ألَّفناه ، ليعرف صحيح بناء كلام العرب من الدخيل.
وأمّا ما كان من هذا الرباعي المنبسط من المعرَّى من الحروف الذُّلْق حكاية مؤلّفة نحو دَهداق وزَهزاق وأشباه ذلك ، فإن الهاء لازمة له فصلاً بين حرفيه المتشابهين مع لزوم العين والقاف أو إحداهما. وإنما استحسنوا الهاء في هذا الضرب من الحكاية للينها وهشاشتها ، إنما هي نَفَس لا اعتياصَ فيها.
وإن الحكاية المؤلّفة غير معرّاة من الحروف الذُّلق فلن تَضرّ أكانت فيها الهاء أم لا ، نحو غَطْمَطَة وأشباهه. ولا تكون الحكاية مؤلفة حتى يكون حرف صدرها موافقاً لصدر ما ضَمّ إليها في عجزها ، كأنهم ضمُّوا دَهْ إلى دَق فألّفوهما. ولو لا ما فيهما من تشابه الحرفين ما حسنت الحكاية بهما ، لأن الحكايات الرباعيات لا تخلو من أن تكون مؤلّفة أو مضاعفة. فأمّا المؤلّفة فعلى ما وصفتُ لك ، وهو نَزرٌ قليل. ولو كان العهعخ جميعاً من الحكاية لجاز في تأليف بناء العرب وإن كان الخاء بعد العين ، لأنّ الحكاية تحتمل من بناء التأليف ما لا يحتمل غيرُها لما يريدون من بيان المحكيّ. ولكن لمَّا جاء العهعخ ، فيما ذكر بعضهم ، اسماً عاماً ولم يكن بالمعروف عند أكثرهم وعند أهل البصر والعلم منهم رُدَّ فلم يُقْبَل.
__________________
(١) في المطبوع : «أما» والمثبت من كتاب «العين» (١ / ٥٢).