باب أحياز الحروف
قال الخليل بن أحمد : حروف العربية تسعة وعشرون حرفاً ، منها خمسة وعشرون حرفاً لها أحيازٌ ومدارج ، وأربعة أحرف يقال لها : جُوفٌ. الواو أجوف ، ومثله الياء والألف اللينة والهمزة ، سمِّيت جُوفاً لأنها تخرج من الجوف فلا تخرج في مدرجةٍ ، وهي في الهواء فلم يكن لها حيّز تنسب إليه إلّا الجوف. وكان يقول كثيراً : الألف اللينة والواو والياء هوائية ، أي إنها في الهواء.
قال : وأقصى الحروف كلها العين ، وأرفع منها الحاء ، ولو لا بُحّةٌ في الحاء لأشبهت العين ، لقرب مخرج الحاء من مخرج العين. ثم الهاء ، ولو لا هَتَّة في الهاء ـ وقال مَرّةً : هَهَّة في الهاء ـ لأشبهت الحاء ، لقرب مخرج الهاء من الحاء. فهذه الثلاثة في حيز واحد. ثم الخاء والغين في حيز واحد ، ثم القاف والكاف في واحد ، ثم الجيم والشين والضاد ثلاثة في حيّز واحد ، ثم الصاد والسين والزاي ثلاثة في حيّز واحد ، ثم الطاء والدال والتاء ثلاثة في حيز واحد ، ثم الظاء والذال والثاء ثلاثة في حيّز واحد ، ثم الراء واللام والنون ثلاثة في حيز واحد ، ثمّ الفاء والباء والميم ثلاثة في حيّز واحد ، ثم الواو والياء والألف ثلاثة في الهواء لم يكن لها حيّز تُنسَب إليه غيره.
قال الخليل : فالعين والحاء والهاء والخاء والغين حَلْقية. والقاف والكاف لَهَويان. والجيم والشين والضاد شَجْرية ـ والشَّجْر مَفرج الفم. والصاد والسين والزاي أسَلية ، لأنَّ مبدأها من أسَلة اللسان ، وهي مستدَقّ طرف اللسان. والطاء والدال والطاء نطعية ، لأنّ مبدأها من نطع الغار الأعلى. والظاء والذال والثاء لِثوية ، لأن مبدأها من اللِّثة. والراء واللام والنون ذَوْلقية ، وهي الذُّلْق ، الواحد أذلق ، وذولق اللسان كذولق السِّنان. والفاء والباء والميم شفوية ، ومرة قال : شفهية. والواو والألف والياء هوائية. نسب كل حرف إلى مَدْرجته.
وكان الخليل يسمي الميم مطبَقة لأنَّها تطبق إذا لُفِظ بها.
قال الخليل : واعلم أنّ الكلمة الثنائية المضاعفة تتصرف على وجهين ، مثل دقّ ،