ثلاثة أحرف : الهمزة والياء والواو. قال : وصُوَرهنَّ على ما ترى : أوى. قال : واعتلالها تغيّرها من حال إلى حال ودخول بعضها على بعض واستخلاف بعضها من بعض.
قال : وسائر الحروف صحاح لا تتغير عن حالها أبداً غير الهاء المؤنّثة ، فإنّها تصير في الاتصال تاءً ، كقولك هذه شجره فتظهر الهاء ، ثم تقول هذه شجرتك شجرةٌ طيبة فتذهب الهاء وتستخلف التاء لأنّ التاء مؤنّثة. وإنّما فعلوا ذلك بهاء التأنيث ليفرقوا بينها وبين الأصليَّة في بناء الكلمة.
قال : والحروف الصحاح على نحوين : منها مُذْلَق ومنها مُصْمَت. فأما المُذْلقة فإنها ستة أحرف في حيّزين : أحدهما حيّز الفاء فيه ثلاثة أحرف كما ترى : ف ب م ، مخارجها من مَدرجةٍ واحدةٍ لصوتٍ بين الشفتين لا عملَ للِّسان في شيءٍ منها. والحيّز الآخر حيّز اللام فيه ثلاثة أحرف كما ترى : ل ر ن ، مخارجها من مَدرجةٍ واحدة بين أسَلة اللسان ومقدَّم الغار الأعلى. فهاتان المدرجتان هما موضعا الذَّلاقة ، وحروفهما أخفُّ الحروف في المنطق ، وأكثرها في الكلام ، وأحسنها في البناء.
ولا يحسن بناء الرباعي المنبسط والخماسيّ التامّ إلّا بمخالطة بعضها نحو : جعفر ، ودَرْدَق ، وسفرجل ، ودردبيس. وقد جاءت كلمات مُسَيَّنَةٌ شواذ ، نحو : عَسجَد ، وعَسَطُوس.
وقال : أما المُصْمتة ـ وهي الصُّتْم أيضاً ـ فإنها تسعة عشر حرفاً صحيحاً. منها خمسة أحرف مخارجها من الحلق ، وهي ع ح ه خ غ. ومنها أربعة عشر حرفاً مخارجها من الفم مَدرُجها على ظَهر اللِّسان من أصله إلى طرفه ، منها خمسٌ شواخص ، وهن : ط ض ص ظ ق وتسمَّى المستعلِيَة ، ومنها تسعة مختفضة ، وهنّ : ك ج ش ز س د ت ذ ث. قال : وإنَّما سُمِّينَ مصمتة لأنها أصمتَت فلم تدخل في الأبنية كلها. وإذا عُرّيت من حروف الذلاقة قلّت في البناء ، فلستَ واجداً في جميع كلام العرب خماسياً بناؤه بالحروف المصمتة خاصة ، ولا كلاماً رباعياً كذلك غير المسيَّنة التي ذكرتها.
واستخفّت العرب ذلك لخفّة السين وهشاشتها. ولذلك استخفت السين في استفعل.
قال : والعويص في الحروف المعتلّة ، وهي أربعة أحرف : الهمزة والألف اللينة والياء والواو. فأما الهمزة فلا هجاءَ لها ، إنما تكتب مرّةً ألفاً ومرّة واواً ومرّة ياء. فأما الألف اللينة فلا صَرْف لها ، إنما هي جَرْس مدةٍ بعد فتحة ، فإذا وقعت عليها صروف الحركات ضَعُفت عن احتمالها واستنامت إلى الهمزة أو الياء أو الواو ، كقولك عصابة