باب ذكر الأئمة الذين اعتمادي عليهم فيما جمعت في هذا الكتاب
فأولهم أبو عمرو بن العلاء : أخذ عنه البصريون والكوفيون من الأئمة الذين صنّفوا الكتب في اللغات وعلم القرآن والقراءات. وكان من أعلم الناس بألفاظ العرب ونوادر كلامهم ، وفصيح أشعارهم وسائر أمثالهم.
وحدثني أبو الفضل محمد بن أبي جعفر المنذريّ العدل قال : أخبرني أبو الحسن الصيداوي عن الرياشيّ أنه سمع الأصمعيّ يقول : سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول : ما في الدنيا أحد إلّا وأنا أعلمُ بالشعر منه.
قال أبو الحسن الصَّيداوي : فأخبرت أبا حاتم السجستاني بذلك فقال : فلم لم يقل الرياشيّ : ولا في الدنيا أحد إلّا وأنا أعلم بالشعر منه؟! منعه من ذلك التقوى والزُّهد والصيانة.
قال : وسمعت الرياشيّ يقول : سمعت الأصمعيّ يقول : سألت أبا عمرو بن العلاء عن ثمانية آلاف مسألة ، وما مات حتى أخذَ عنّي.
وحدَّثني أبو محمد المزنيّ عن أبي خليفة عن محمد بن سلّام الجمحيّ أنه قال : كان عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي أوّل من بعج النحو ومدَّ القياسَ والعلل ، وكان معه أبو عمرو بن العلاء ، وبقي بعده بقاءً طويلاً. قال : كان ابن أبي إسحاق أشدّ تجريداً للقياس ، وكان أبو عمرو بن العلاء أوسعَ علماً بكلام العرب وغريبها. قال : وكان بلال بن أبي بردة جمع بينهما بالبصرة وهو والٍ عليها زمن هشام بن عبد الملك.
قال محمد بن سلام : قال يونس : قال أبو عمرو : فغلبني ابن أبي إسحاق يومئذ بالهمز فنظرت فيه بعد ذلك وبالغت فيه.
قال : وكان عيسى بن عمر أخذ عن ابن أبي إسحاق ، وأخذ يونسُ عن أبي عمرو بن العلاء ، وكان معهما مسلمة بن عبد الله بن سعد بن مُحارب الفهري. وكان