أبو عبيد عن الكسائي : تنحّ غير باعِدٍ أي غير صاغرٍ ، وتنحّ غير بعيد أي كن قريباً.
وقول الذبياني :
فضلاً على الناس في الأدنى وفي البَعَدِ
قال أبو نصر : في القريب والبعيد. قال : والعرب تقول : هو غير بَعَد أي غير بعيد. ورواه ابن الأعرابي : في الأدنى وفي البُعد قال : بَعيدٌ وبُعُدٌ. وقال الليث : البِعاد يكون من المباعدة. ويكون من اللعْن ؛ كقولك : أَبْعَدَه الله.
وقول الله جلّ وعزّ مخبراً عن قوم سبأ : (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) [سَبَإ : ١٩]. قال الفراء : قراءة العوامّ : (باعِدْ). ويقرأ على الخبر : (ربُّنا باعَدَ) و (بَعَّدَ). و (بَعِّدْ) جَزْمٌ. وقرىء (رَبَّنَا بَعُدَ بَيْنُ أسفارنا) و (بَيْنَ أَسْفارِنا) قال الزجّاج : من قرأ (باعِدْ) و (بَعِّدْ) فمعناهما واحد. وهو على جهة المسألة. ويكون المعنى : أنهم سئموا الراحة وبطِروا النعمة ، كما قال قوم موسى : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) [البقرة : ٦١] الآية. ومن قرأ ؛ (بَعُدَ بَيْنُ أسفارنا) بالرفع فالمعنى بَعُدَ ما يتصل بسفرنا. ومن قرأ : (بَعُدَ بَيْنَ أسفارنا) فالمعنى بَعُدَ ما بين أسفارنا وبَعُدَ سَيْرنا بين أسفارنا قلت : قرأ أبو عمرو وابن كثير : (بَعِّد) بغير ألفٍ. وروى هشام بن عمّار بإسناده عن عبد الله بن عامر : (بَعِّدْ) مثل أبي عمرو.
وقرأ يعقوب الحضرميّ : (رَبُّنَا باعَدَ) بالنصب على الخبر. وقرأ نافع وعاصم والكسائي وحمزة : (باعِدْ) بالألف على الدُعَاء.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يُبعِد في المَذْهب معناه : إمعانه في ذهابه إلى الخلاء ، وأبعَدَ فلان في الأرض إذا أمْعن فيها. وقال أبو زيد : يقال للرجل : إذا لم تكن من قُربان الأمير فكن من بُعْدانِه ، يقول : إذا لم تكن ممن يقترب منه فتَبَاعَدْ عنه لا يُصِبْك شَرُّه. وقال ابن شميل : رَاوَدَ رجل من العرب أعرابيّة عن نفسها فأبت إلّا أن يجعل لها شيئاً ، فجعل لها درهمين ، فلمَّا خالطها جعلت تقول : غمزاً ودرهماك لك ، فإن لم تغمز فبُعْدٌ لك ، رَفَعت البُعْدَ ، يضرب مثلاً للرجل تراه يعمل العمل الشديد.
دعب : رُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال لجابر بن عبد الله وقد تزوج : «أبِكراً تزوجتَ أم ثيباً؟» فقال : بل ثيباً. فقال : «فَهَلَّا بكراً تداعِبها وتداعبك». قال أبو عبيد : الدعَابة : المُزاح. قال وقال : اليزيديّ : رجل دَعَّابة. وبعضهم يقول رَجُلٌ دَعِبٌ. وحكى شمر عن ابن شميل : يقال : تدعّبت عليه أي تدلّلت ، وإنه لدَعِبٌ وهو الذي يتمايل على الناس ويَرْكبهم بثَنِيَّته أي بناحيته. وإنه ليَتَدَاعَب على الناس أي يركبهم بمُزَاحٍ وخُيَلاء ويغمّهم ولا يَسُبُّهم. وإنما الدَّعِب : اللعَّابة.
وقال الليث : يقال هو يَدْعَبُ دَعْباً إذا قال قولاً يُستملَح ؛ كما يقال : مزح يمزح. وقال الطرمَّاح :
واستطربَت ظُعْنُهُمْ لمّا احزألّ بهم |
مع الضحى ناشِطٌ من داعِبَاتِ دِدِ |