فإنه أراد : ذحليَ الذي يُتَتبَّع ، فطرح الذي وأقام الألف واللام مقامه ، وهي لغة لبعض العرب.
وقال ابن الأنباريّ : إنما أقحم الألف واللام على الفعل المضارع لمضارعته الأسماء.
وفي حديث زيد بن ثابت حين أمره أبو بكر الصدّيق بجمع القرآن قال : فعلِقت أتتبّعُه من اللخاف والعُسُب أراد أنه كان يتتبّع ما كُتب منه في اللخاف والعُسُب ، وذلك أنه استقصى جَمع جميع القرآن من المواضع التي كُتب فيها ، حتى ما كُتب في اللِخاف ـ وهي الحجارة ـ وفي العُسُب ، وهي جريد النخل ، وذلك أن الرَقّ أعوزهم حين نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمر كُتَّاب الوحي بإثباته فيما تيسَّر من كتِف ولَوْح وجِلْد وعَسِيب ولَخفَة. وإنما تتبَّع زيد بن ثابت القرآن وجمعه من المواضع التي كُتب فيها ولم يقتصِر على ما حفِظ هو وغيره ـ وكان من أحفظ الناس للقرآن ـ استظهاراً واحتياطاً ، لئلا يسقط منه حرف لسُوء حفظ حافظه ، أو يتبدّل حرف بغيره. وهذا يدلّك أن الكتابة أضبط من صدور الرجال وأحرى ألّا يسقط معه شيء ، فكان زيد يتتبَّع في مُهْلة ما كتب منه في مواضعه ويضمّه إلى الصحف ، ولا يثبت في تلك الصحف إلا ما وجده مكتوباً كما أُنزِل على النبي صلىاللهعليهوسلم وأملاه على مَن كتبه ، والله أعلم.
وفي حديث أبي موسى الأشعريّ أنه قال : اتّبعوا القرآن ولا يتبعنَّكم القرآن فإنه من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنَّة ومن يتّبعه القرآن يزُخّ في قفاه حتى يقذف به في نار جهنم.
قال أبو عُبيد قوله : اتبعوا القرآن يقول : اجعلوه إمامكم ثم اتلوه ؛ كما قال الله عزوجل : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) [البَقَرَةَ : ١٢١] أي يتّبعونه حق اتباعه.
وأما قوله : ولا يتبعنَّكم القرآن فإن بعض الناس يحمله على معنى : لا يطلبنكم القرآن بتضييعكم إيّاه ، كما يطلب الرجل صاحبه بالتبعة.
قال أبو عبيد : وهذا معنى حسن يصدّقه الحديث الآخر : «إن هذا القرآن شافع مشفَّع ، وماحل مصدَّق» ، فجعله يمحل بصاحبه إذا لم يتّبع ما فيه.
قال أبو عبيد : وفيه قول آخر أحسن من هذا ، قوله : لا يتبعنكم القرآن : لا تَدَعوا العمل به فتكونوا قد جعلتموه وراء ظهوركم ؛ كما فعل اليهود حين نبذوا ما أُمِروا به وراء ظهورهم. وهذا قريب من المعنى الأول ؛ لأنه إذا اتّبعه كان بين يديه ، وإذا خالفه كان خَلْفه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، قال : التُّبَّع : سيد النحل ، والتُّبَّع : الظِلّ.
ومن أمثال العرب السائرة : أتْبع الفرسَ لجامَها ، يضرب مَثَلاً للرجل يؤمر برَب الصَنيعة وإتمام الحاجة.
بتع : في حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه سئل عن البِتْع فقال : «كلّ شراب مسكِر فهو حرام».