والصِنْع : السَفُّود ، قال مَرّار يصف إبلاً :
وجاءت وركبانها كالشُروب |
وسائقها مثل صِنْع الشواء |
أي هذه الإبل وركبانها يتمايلون من النُّعَاس ، وسائقها ـ يعني نفسه ـ اسودّ من السَّمُوم. ويقال : فلان صَنِيع فلان وصنيعته إذا ربّاه وأدّبه حتى خرّجه.
باب العين والصاد مع الفاء
[ع ص ف]
عصف ، عفص ، صفع ، صعف ، فصع : مستعملات. عصف : قال الله جلّ وعزّ : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) [الرَّحمن : ١٢] وقال في موضع آخر : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) [الفيل : ٥] قال الفرّاء : العَصْف ـ فيما ذكروا ـ : بَقْل الزَرْع ؛ لأن العرب تقول : خرجنا نَعْصِف الزرع إذا قطعوا منه شيئاً قبل إدراكه ، فذلك العَصْف. قال : وقال بعضهم : (ذُو الْعَصْفِ) يريد المأكول من الحَبّ ، (وَالرَّيْحانُ) : الصحيح الذي يؤكل. وقال أبو إسحاق : العَصْف : وَرَق الزرع. ويقال للتبْن : عَصْف وعَصِيفة. وقال النضْر : العَصْف : القَصِيل. قال : وعصفْنا الزرعَ نعصِفه أي جززنا ورقه الذي يميل في أسفله ليكون أخفّ للزرع ، وإن لم يُفعل مال بالزرع. وذكر الله جلّ وعزّ في أوّل هذه السورة ما دلَّ على وحدانيَّته من خَلْقه الإنسان وتعليمه البيان ، ومن خَلْق الشمس والقمر والسماء والأرض وما أَنبت فيها من رِزقِ مَن خلق فيها من إنسيّ وبهيمة ، تبارك (اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ). وأمَّا قوله تعالى : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) [الفيل : ٥] فله معنيان : أحدهما أنه أراد : أنه جعل أصحاب الفيل كورق أُخِذ ما كان فيه من الحَبّ وبقي هو لا حبّ فيه. والآخر أنه أراد : أنه جعلهم كعصف قد أكله البهائم. وقال الليث : العَصْف : ما على حبّ الحِنْطة ونحوها من قُشور التبْن. قال : والعَصْف أيضاً : ما على ساق الزرع من الورق الذي يبِس فتفتَّت ، كل ذلك من العصف. قال : وقوله : (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) ذُكر عن سعيد بن جُبَير أنه قال : هو الهَبُّور ، وهو الشعير النابت بالنَبَطيَّة. وعن الحسن : كزرع قد أُكل حَبّه وبقي تِبْنُه. وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس أنه قال في قوله تعالى : (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) : إنه يقال : إن فلاناً يعتصف إذا طلب الرزق ، والعصف : الرزق ، والعَصْف والعَصِيفة : ورق السُنْبُل. وقول الله جلّ وعزّ : فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً [المُرسَلات : ٢] قال المفسّرون : هي الرياح. وقال الفرّاء في قوله : (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) [إبراهيم : ١٨] قال : فجعل العُصُوف تابعاً لليوم في إعرابه وإنما العُصُوف للرياح. وذلك جائز على جهتين : إحداهما أن العُصُوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصَف به ؛ لأن الريح تكون فيه ، فجاز أن تقول : يوم عاصف ؛ كما يقال : يوم بارد ويوم حارّ والبرد والحرّ فيهما. والوجه الآخر أن تريد : في يوم عاصِف الريحِ ، فتحذف الريح لأنها قد ذُكِرت في أول الكلمة ، كما قال :