ولا يجمع ، يقال : بُرْد عَصْب وبرود عَصْب لأنه مضاف إلى الفعل. وربما اكتفَوا بأن يقال : عليه العَصْب لأن البُرْد عُرِف بذلك الاسم. أبو عبيد عن أبي عمرو : العصَّاب : الغزّال. وقال رؤبة :
طيّ القَسَاميّ بُرودَ العَصَّاب
قال : والقَسَاميّ : الذي يَطْوي الثياب في أول طَيّها حتى تُكسّر على طيّها. قلت : وقول أبي عمرو يحقّق ما قاله الليث من عَصْب الغَزْل وصَبْغه. وروي عن الحجّاج بن يوسف أنه خطب الناس بالكوفة فقال : لأَعْصِبَنَّكم عَصْب السَّلَمة.
قلت : والسَّلَمة شجرة من الغَضَى ذات شوك ، وورقها القَرَظ الذي يُدبغ به الأَدَم ، ويعسُر خَرْط ورقها لكثرة شوكها. ويَعْصِب الخابط أغصانها بحَبْل ثم يَهْصِرها إليه ويخبِطها بعصاه فيتناثر ورقها للماشية ولمن أراد جمعه. وعَصْبُها : جمع أغصانها بحبل تُمدّ به وتُشَدّ شدّاً شديداً. وأصل العَصْب اللَيّ ، ومنه عَصْب التَيْس وهو أن يُشدّ خُصْياه شدّاً شديداً حتى تَنْدُرَا من غير أن تنتزعا نزعاً ، أو تُسَلّا سلًّا. يقال : عَصبْتُ التيس أعصِبه فهو معصوب. قال ذلك أبو زيد فيما رَوى عنه أبو عبيد. ومن أمثال العرب : فلان لا تُعْصَب سَلَماته يضرب مثلاً للرجل العزيز الشديد الذي لا يُقهر ولا يُستذَلّ. ومنه قول الشاعر :
ولا سَلَماتي في بَجِيلة تُعْصَبُ
أبو عبيد عن الأصمعيّ : العَصُوب : التي لا تَدِرّ حتى يُعْصَب فخذاها بحبل ، وذلك الحبل يقال له : العِصَاب. وقد عصبها الحالب عَصْباً وعِصَاباً. وقال الشاعر :
فإن صَعُبَتْ عليكم فاعصِبوها |
عِصَاباً تَستدرّ به شديدا |
وقال أبو زيد : العَصُوب : الناقة التي لا تَدِرّ حتى يُعْصَب أداني مَنْخِرَيها بخَيط ثم تُثَوَّر ولا تُحلّ حتى تُحلب. وأما عَصَبة الرجل فهم أولياؤه الذُكور من ورثته ، سُمُّوا عَصَبة لأنهم عَصَبوا بنسبه أي استكَفُّوا به ، فالأب طَرَف والابن طَرَف والعَمّ جانب والأخ جانب ، والعرب تسمّي قرابات الرجل أطرافه ، ولمّا أحاطت به هذه القرابات وعَصَبتْ بنسبه سُمّوا عَصَبة. وكل شيء استدار بشيء فقد عَصَب به. والعمائم يقال لها : العصائب ، واحدتها عِصَابة ، من هذا. وأمَّا العَصَبة فلم أسمع لهم بواحد. والقياس أن يكون عاصباً ؛ مثل طالب وطَلَبة وظالم وظلَمة. ويقال أيضاً : عَصَبت الإبلُ بِعَطَنها إذا استكفَّت به ؛ قال أبو النجم :
إذ عَصَبت بالعَطَن المغربَل
يعني المدقَّق ترابُه. ويقال : عَصَب الرجلُ بيتَه أي أقام في بيته لا يبرحه ، لازماً له.
ويقال : عَصَب القَيْن صَدْع الزجاجة بضبَّة من فضَّة إذا لأمها بها محيطة به. والضبَّة عِصَابة للصَّدْع. والعَصَبيَّة : أن يدعو الرجل إلى نُصْرة عَصَبته والتألُّب معهم على من يناوئهم ، ظالمين كانوا أو مظلومين. وقد تعصَّبوا عليهم إذا تجمّعوا. واعصوصب القومُ إذا اجتمعوا. فإذا تجمّعوا على فريق آخرين قيل : تعصَّبوا.