وقرأت بخطّ شمر أن الزبير بن العوّام لمّا أقبل نحو البصرة سئل عن وجهه فقال :
عَلِقتهم إني خلِقتُ عُصْبَهْ |
قَتَادةً تعلَّقت بنُشبَهْ |
قال شمر : وبلغني أن بعض العرب قال :
غلبتهم إني خُلِقتُ نُشْبَهْ |
قتادة ملوِيَّة بعُصْبَهْ |
قال : والعُصْبة نبات يتلوّى على الشجر ، وهو اللَّبْلاب. والنُشْبة من الرجال : الذي إذا عبِث بشيء لم يكد يفارقه. وأنشد لكثيّر :
باديَ الربع والمعارف منها |
غير رَبْع كعُصْبة الأغيال |
وروى غيره عن ابن الأعرابي عن أبي الجرّاح أنه قال : العُصْبة : هَنَة تُلَفّ على القَتَادة لا تُنزع عنها إلّا بعد جَهد ، وأنشد :
تلبَّس حُبُّها بدمي ولحمي |
تلبُّسَ عُصْبة بفروع ضَالِ |
ويقال للرجل إذا كان شديد أسْرِ الخَلْق غير مسترخِي اللحم : إنه لمعصوب ما حُفْضِج. وقال ابن السكيت : العَصَب عَصَب الإنسان والدابَّة ، قال : وحكى لي الكلابيّ : ذاك رجل من عَصَب القوم أي من خيارهم ، ونحوَ ذلك قال ابن الأعرابي. وقال أبو العباس عنه : العَصُوب المرأة الرسحاء ، وروى أبو نصر عن الأصمعي والأثرمُ عن أبي عبيدة أنهما قالا : هي العَصُوب والرسحاء والمَسْحاء والرصعاء والمصواء والمزلاق والمزلاج والمِنْداص. وقال الليث : العَصَب : أطناب المفاصل التي تلائم بينها وتشدُّها وليس بالعَقَب. ولحم عَصِب : صُلْب شديد. ويقال للرجل الذي سوّده قومه : قد عصَّبوه فهو معصَّب ؛ وقد تعصّب.
ومنه قول المخبَّل في الزبْرِقان :
رأيتك هربَّتِ العِمَامة بعدما |
أراك زماناً حاسراً لما تُعَصَّبِ |
وهذا مأخوذ من العِصَابة وهي العِمَامة وكانت التيجان للملوك ، والعمائم الحمر للسادة من العرب. ورجل معصَّب ومعمَّم : أي مسوَّد. وقال عمرو بن كُلْثوم :
وسيد معشر قد عصَّبوه |
بتاج المُلْك يَحْمى المُحْجَرينا |
فجعل الملِك معصَّباً أيضاً لأن التاج أحاط برأسه كالعِصابة التي عَصَبت برأس لابسها. والعِصابة تقع على الجماعة من الناس والطير والخيل. ومنه قول النابغة :
عصائب طير تهتدي بعصائب
ويقال : اعتصب التاجُ على رأسه إذا استكَفَّ به. ومنه قول قيس ذي الرُّقيات :
يعتصب التاجُ فوق مَفْرِقه |
على جبين كأنه الذهب |
وكلّ ما عُصِب به كَسْر أو قرح من خرقة أو خَبِيبة فهو عِصاب له. ويقال لأمعاء الشاء إذا طُوِيت وجمعت ثم جُعلت في حَوِيَّة من حوايا بطنها : عُصُب واحِدُها عَصِيب.
والعصائب : الرياح التي تعصب الشجر